responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : علم الأخلاق الإسلامية المؤلف : مقداد يالجن    الجزء : 1  صفحة : 346
وقد أدت هذه التفرقة أخيرا إلى فكرة أن معرفة الأخلاق نظريا لا تقتضي تطبيقها عمليا[1].
وذهب بعض الفلاسفة الآخرين أمثال "سقراط" إلى عدم التفرقة بين النظرية والتطبيق[2].
والحقيقة كما تبدو في هذا الخلاف أنه إن صحت التفرقة من زاوية الدراسة النظرية فلا تصح من زاوية دراسة القيمة, ذلك أن القيمة المتكاملة للأخلاق لا تظهر بوضوح إلا عند الجمع بين الجانبين؛ لأن قيمة الأخلاق حقيقة واحدة لها جانبان: جانب نظري يدرك عن طريق النظر والتأمل العقلي, وجانب وجداني
شعوري نفعي يدرك عن طريق التطبيق العملي, والإحساس بالأول يختلف نوعا ما عن الإحساس بالثاني. ولا غموض في هذا التقييم للقيمة الأخلاقية, لأنه لا بأس في تقييم أية حقيقة من زوايا مختلفة بل هذا واجب إذا أردنا تقييم أية حقيقة أن نقيس قيمتها بموازين ومقاييس مختلفة إذا كانت لها قيم متعددة.
ويمكن أن نعبر عن هذا التكامل بالحكمة الأخلاقية؛ لأن الحكمة هي الجمع بين فضيلة النظر وفضيلة العمل, إذ إن الإنسان مهما اقتنع بقيمة الفكرة عقليا فإن القيمة التي يحس بها بعد العمل بها في أعماق نفسه لا يمكن أن يكون كإحساسه بالأول, ولكن قد يتحول هذا الإحساس الأخير إلى مجرد نشوة حسية إذا لم يعتمد على اقتناع نظري أو لم يقم على أساس دافع عقلي. إذن قيمة الأخلاق تعد ناقصة إذا اقتصرنا في تقييمها على المقياس النظري, كذلك تعد ناقصة إذا اكتفينا بالمقياس الحسي العملي لتقييمها؛ لأن كلا منهما يمثل نصف

[1] المشكلة الخلقية ص 44.
[2] المرجع نفسه ص 47.
اسم الکتاب : علم الأخلاق الإسلامية المؤلف : مقداد يالجن    الجزء : 1  صفحة : 346
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست