اسم الکتاب : علم الأخلاق الإسلامية المؤلف : مقداد يالجن الجزء : 1 صفحة : 319
أخلاقية أو أن نتخذ أي مبدأ أخلاقي وسيلة لأي غاية أخلاقية؟
إن الإسلام لم يبح اتخاذ أية وسيلة لأية غاية أخلاقية بل اشترط أن تكون الوسائل أخلاقية كالغايات تماما فالغاية في نظر الإسلام لا تبرر الوسيلة، ولهذا قال الأصوليون: الغاية لا تبرر الوسيلة، واتخذوا ذلك قاعدة تشريعية.
والدليل على صدق ما ندعي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [1]. فالآية ترسم لنا طريقين للفلاح أو طريقا واحدا له جانبان: الأول تقوى الله بترك المحرمات والثاني التقرب إليه بالوسائل، وهي أداء الواجبات والتمسك بالقيم الأخلاقية ولا يمكن التقرب إليه بالمحرمات وإلا لما حرم المحرمات ولما نهى عنها، ولو نوى مرتكبها وجه الله والتقرب إليه. ومن هنا جاء في الحديث القدسي الذي سبق ذكره بأن أحب الأعمال التي يتقرب بها الإنسان إلى الله هي الواجبات ثم الأمور المشروعة دون المحرمات ثم إن الله تعالى نفسه قد اعتبر الواجبات الأخلاقية وسيلة للتقرب إليه إذ هي وسائل والغاية كسب رضوان الله وكسب رضوان الله وسيلة للفوز بالسعادة في الآخرة.
غير أنه قد يعترض على هذه الفكرة بأن الإسلام قد أباح في مواضع كثيرة اتخاذ بعض الوسائل اللا أخلاقية مثل: قتال الكفار والمعتدين والكذب لإنقاذ النفس من الهلاك. حقا إن هذا قد يحدث ولكننا بينا فيما سبق أن ذلك استثناء والاستثناء لا يعتبر قاعدة أخلاقية أو مبدأ دستوريا. وهذا الاستثناء من قبيل دفع الشر بشيء لا يمكن دفعه إلا به[2] وليس الهدف من ذلك جلب المصلحة وإنما [1] المائدة: 35. [2] انظر صفحة "245"من هذا البحث.
اسم الکتاب : علم الأخلاق الإسلامية المؤلف : مقداد يالجن الجزء : 1 صفحة : 319