اسم الکتاب : علم الأخلاق الإسلامية المؤلف : مقداد يالجن الجزء : 1 صفحة : 275
إلى الأبد فالعذاب أكثر من الذنب وقد وصف الله نفسه بالعدالة, وبناء على ذلك يحاولون تأويل الآيات والنصوص الواردة في هذا الموضوع ويحاولون تأييد تأويلاتهم بآية الرحمة ويقولون: إن الله تعالى وصف نفسه بالرحمة الشاملة لجميع خلقه بقوله: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء} ، مع أنهم ينسون بقية الآية وهي قوله تعالى: {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [1]، إن رحمة الله تشمل كل من اعترف بربوبيته أما الذين لم يعترفوا به خالقاً ورباً وأنكروا وجوده بتاتاً فكيف ينتظرون الرحمة من الخالق المعدوم في نظرهم وإذا حرمهم هذا الخالق من رحمته فهل يمكن أن يوصف بأنه ظالم؟ فالخالق في نظرهم معدوم ورحمته كذلك معدومة لا ينالونها أبداً ماداموا في دار الجزاء أو الحياة الأخرى؛ لأن تلك الحياة مقابل لهذه الحياة ولا ينبغي أن ينتظروا الرحمة والنعمة ممن لم يعترفوا بوجوده.
ومن أسباب الحيرة والتشابه: اعتمادهم على بعض أقوال الصحابة وآرائهم الخاصة في خروج الكفار من النار, وبالرغم من وجود خلاف في صحة إسناد تلك الأقوال فإنهم يؤيدون آرائهم بأقوالهم.
ولنفرض صحة إسناد تلك الآراء إليهم فإن أقوال الصحابة لا تؤخذ بها إذا تعارضت مع النصوص القطعية؛ لأنها ظنية[2] والنصوص الأخرى من الآيات والأحاديث قطعية كالآيات التي ذكرناها، وكقول الرسول عندما دعا قومه إلى الإسلام: "والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ولتحاسبن بما [1] الأعراف: 156. [2] يقول الأصوليون هنا: "إذا خالف الدليل الظني دليلاً قطعياً وجب رده", انظر الموافقات في أصول الأحكام للشاطبي جـ 3 ص 9.
اسم الکتاب : علم الأخلاق الإسلامية المؤلف : مقداد يالجن الجزء : 1 صفحة : 275