اسم الکتاب : علم الأخلاق الإسلامية المؤلف : مقداد يالجن الجزء : 1 صفحة : 264
فإذا تأملنا في هذه النصوص وغيرها التي تثبت مسئولية الإنسان عن الغير وجدنا أن هذه المسئولية باعتبار جزائها المترتب عليها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
رابعاً: أقسام المسئولية بحسب جزاءاتها:
القسم الأول: يعاقب المسئول في الدنيا فقط، وذلك إذا ترك مقاومة الفساد لا رغبة في انتشاره ولكن لضعفه أو لعجزه عن المقاومة والعقاب, في هذه الحالة إما أن يرجع إلى العقاب الطبيعي؛ لأن انتشار الفساد في المجتمع لا بد من أن يصيبه إذا عم وانتشر ولا بد من أن يرى الضرر من انتشاره، ولهذا قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [1]، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى تكون العامة تستطيع أن تغير على الخاصة، فإذا لم تغير العامة على الخاصة عذب الله العامة والخاصة" [2], وإما أن يرجع إلى العقاب الإلهي فإن الله إذا رأى انتشار الفساد في أمة يعاقب هذه الأمة ويعم عقابه الصالحين أيضاً، عقاباً على تركهم مقاومة الفساد، أما إذا كانوا عاجزين عن المقاومة تماماً فلا يعاقبون في الآخرة، مصداق ذلك قول الرسول: "إذا أنزل الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم" [3]، وللصالح أجر ما أصابه في الدنيا, وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم: "إذا خفيت الخطيئة لا تضر إلا صاحبها وإذا ظهرت فلم تغير ضرت العامة" [4]، وقال: "إذا ظهر السوء فلم ينهوا عنه أنزل الله بهم بأسه, قيل: وإن كان فيهم الصالحون, قال: نعم, يصيبهم ما أصابهم ثم يصيرون إلى مغفرة الله ورحمته" [5]. [1] الأنفال: 25. [2] منتخب كنز العمال في هامش مسند الإمام أحمد جـ 1 ص 146. [3] التاج جـ 5، كتاب الفتن ص 301 "وفي رواية ثم يبعثهم الله على نياتهم". [4] التاج جـ 5، كتاب الزهد والرقاق، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص 224. [5] منتخب كنز العمال في هامش مسند الإمام أحمد جـ 1 ص 149.
اسم الکتاب : علم الأخلاق الإسلامية المؤلف : مقداد يالجن الجزء : 1 صفحة : 264