اسم الکتاب : علم الأخلاق الإسلامية المؤلف : مقداد يالجن الجزء : 1 صفحة : 246
ولكن إذا هاجمه الأخير لقتله دون جريرة تستحق القتل ولم يستطع دفعه بطريق سلمي فقد أعطى له حق قتاله لدفع الشر، لا لجلب الخير وإن كان هذا يعتبر خيراً من جهة أخرى.
وهكذا نجد أن الغاية قد تبرر الوسيلة لكن هذه القاعدة استثنائية أيضاً، فالقاعدة الأخلاقية الأساسية هي التوفيق بين الوسيلة والغاية في الخيرية.
وإذا ألقينا الآن نظرة عابرة على الاتجاهات الأخلاقية في هذه النقطة بالذات وجدنا فيها اتجاهين: أولهما لا يبيح الاستثناء في القاعدة الأخلاقية على أي حال ولو أدى التمسك بالأخلاق إلى هلاك إنسان بريء وهو اتجاه "كانط" المثالي, وثانيهما يعتبر الأهداف والغايات هي الأساس وإنها تبرر الوسيلة فكل وسيلة تحققها تعد عملا أخلاقيا وهو الاتجاه النفعي في الأخلاق بصفة عامة, والاتجاه الشيوعي بصفة خاصة[1].
أما الإسلام فلم يقف مع الاتجاه الأول على طول الخط ولا مع الاتجاه الثاني كذلك غير أنه يجب أن ننبه هنا إلى نقطة مهمة وهي أن الإسلام إذا أباح التلفظ بالكفر أو الخروج على قاعدة الصدق بالكذب فهذا يعتبر رخصة وليس عزيمة. والإنسان إذا تمسك بالعزيمة مع وجود الرخصة يعتبر هذا فضيلة منه ولا يكون آثماً إذا تمسك بالرخصة، وقد روي أن عيوناً لمسيلمة أخذوا رجلين من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فذهبوا بهما إلى مسيلمة فقال: لأحدهما أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال: نعم, قال: أتشهد أني رسول الله؟ قال: نعم، فخلى عنه وقال للآخر: أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال: نعم، وتشهد أني رسول الله؟ قال: أنا أصم لا أسمع فعذبه [1] المذاهب الأخلاقية جـ 2 ص 19 وما بعدها.
اسم الکتاب : علم الأخلاق الإسلامية المؤلف : مقداد يالجن الجزء : 1 صفحة : 246