responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : علم الأخلاق الإسلامية المؤلف : مقداد يالجن    الجزء : 1  صفحة : 242
3- مراعاة الحالات الاستثنائية:
تظهر هذه المراعاة في تخفيف الإسلام عن المكلفين بعض التكاليف أو إعفائهم منها في بعض الظروف والحالات المحرجة الطارئة؛ فنرى مثلاً أنه قد خفف عن المسافر في الصلاة وسمح له بتأخير الصيام في شهر الصوم وبأداء الصلاة على الراحلة. ونرى كذلك أنه قد أعفى العجزة والضعفاء من الجهاد {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [1]، ونرى أيضاً أنه أباح أحياناً استبدال الالتزام بالتزام آخر عند الضرورة، فإذا لم يجد المرء ماء مثلا يتيمم حتى إنه أباح المحرم عند الضرورات فللجائع إذا خاف على نفسه الموت من الجوع أن يأكل من مال الغير جبرا إذا امتنع عن إطعامه بالرضا، وله

[1] الفتح: 17.
الرسالات السابقة كانت حالة استثنائية؛ لأن رسالات الله كلها في جوهرها واحدة وتهدف إلى غاية واحدة, مصداق ذلك قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [1]، وكان الأمر يقتضي ألا يكون في الإسلام شيء من تلك القوانين الاستثنائية؛ لأنه خاتم الرسالات من جهة؛ ولأنه عام لكل الأمم فكان العدل الإلهي لا يقتضي عقاب الأمم الأخرى بظلم بعضها، ثم وجود مثل تلك القوانين في الإسلام لا تجعله صالحاً للتطبيق لكل الناس في كل زمان ومكان، وكما تمتاز رسالة الإسلام على الرسالات الأخرى تمتاز كذلك على بعض الفلسفات الأخرى كالفلسفة الأخلاقية البرهمية والكانطية- مثلاً- التي تتسم بالقسوة وعدم مراعاة الطبيعة الإنسانية في الظروف المختلفة.

[1] الشورى: 13.
اسم الکتاب : علم الأخلاق الإسلامية المؤلف : مقداد يالجن    الجزء : 1  صفحة : 242
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست