اسم الکتاب : صفة الصفوة المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 425
واصدق عنه النجاشي اربعمائة دينار وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة. وقيل وكلت خالد بن سعيد بن العاص فزوجها وذلك في سنة سبع من الهجرة.
قال سعيد بن العاص: قالت ام حبيبة: رأيت في النوم كأن عبيد الله بن جحش زوجي باسوأ صورةٍ واشوهه. ففزعت فقلت: تغيّرت والله حالهُ. فاذا هو يقول حين اصبح: يا أم حبيبة اني نظرت في الدين فلم أر دينا خيراً من النصرانية، وكنت قد دنت بها ثم دخلت في دين محمد، ثم رجعت في النصرانية.
فقلت: والله ما خير لكَ. واخبرته بالرؤيا التي رأيتها فلم يحفل بها واكب على الخمر حتى مات: فارى في النوم كأن آتياً يقول: يا ام المؤمنين ففزعت فاولتها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوجني.
قالت: فما هو الا ان قد انقضت عِدتي فما شعرت الا برسول النجاشي على بابي يستأذن. فإذا جارية له يقال لها ابرهة كانت تقوم على ثيابه ودهنه فدخلت عليَّ فقالت: فقالت: ان الملك يقول لك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب الي ان ازوجه فقالت: بشَّرك الله بخير. قالت: يقول لك الملك وكلي من يزوجك.
فارسلت خالد بن سعيد بن العاص فوكلته واعطت ابرهة سوارين من فضة وخَدَمتَين كانتا في رجليها وخواتيم فضة كانت في اصابع رجليها سروراً بما بشّرتها.
فلما كان العشى امر النجاشي جعفر بن ابي طالب ومن هناك من المسلمين فخطب النجاشي فقال:
الحمد لله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله وانه الذي بشّر به عيسى ابن مريم اما بعد: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب الي ان ازوجه ام حبيبة بنت ابي سفيان فاجبت الى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصدقْتها اربعمائة دينار.
ثم سكب الدنانير بين يدي القوم فتكلم خالد بن سعيد فقال:
الحمد لله، أحمده واستعينه واستنصره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون اما بعد أجبت الى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوّجته ام حبيبة بنت ابي سفيان فبارك الله لرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن الطبقة الخامسة:
217- سفيان بن عيينة بن أبي عمران
يكنى أبا محمد.
وهو مولى لبني عبد الله بن رويبة ولد بالكوفة وسكن مكة.
عن محمد بن عمر قال أنبأ سفيان أنه ولد سنة سبع ومائة وكان أصله من الكوفة وكان أبوه من عمال خالد بن عبد الله القسري فلما عزل خالد عن العراق وولى يوسف بن عمر الثقفي طلب عمال خالد فهربوا منه فلحق عيينة بمكة فنزلها.
إبراهيم بن ازداد الرافقي قال: قال سفيان بن عيينة لما بلغت خمس عشرة سنة دعاني أبي فقال لي: يا سفيان قد انقطعت عنك شرائع الصبا فاحتفظ من الخير تكن من أهله، ولا يغرنّك من اغترّ بالله فمدحك بما يعلم الله خلافه منك فانه ما من أحد يقول في أحد من الخير إذا رضى إلا وهو يقول فيه من الشر مثل ذلك إذا سخط فاستأنس بالوحدة من جلساء السوء لا تنقل احسن ظني بك إلى غير ذلك ولن يسعد بالعلماء إلا من أطاعهم.
قال سفيان فجعلت وصية أبي قبلةً أميل معها ولا أميل عنها.
وعن صامت بن معاذ قال سمعت سفيان بن عيينة يقول من تزين للناس بشيء يعلم الله منه غير ذلك شانه الله.
وعن النعمان قال سمعت ابن عيينة يقول ليس من حب الدنيا طلبك ما لا بد منه.
وعن محمد بن ميمون الخياط قال سمعت سفيان بن عيينة يقول إذا كان نهاري نهار سفيه وليلي ليل جاهل فما اصنع بالعلم الذي كتبت؟
وعن علي بن الجعد قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول من زيد في عقله نقص من رزقه.
وعن ابن الأعرابي قال قال سفيان بن عيينة أرفع الناس منزلةً من كان بين الله وبين عباده، وهم الأنبياء والعلماء.
وعن علي بن الحسن قال سمعت سفيان بن عيينة يقول من رأى انه خير من غيره فقد استكبر وذلك أن إبليس إنما منعه من السجود لآدم عليه السلام استكباره.
217- هو: سفيان بن عيينة بن أبي عمران أبو محمد الكوفي ثم المكي ثقة حافظ فقيه إمام حجة إلا أنه تغير حفظه بأخرة وكان ربما دلس لكن عن الثقات من رؤس الطبقة الثامنة.
اسم الکتاب : صفة الصفوة المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 425