اسم الکتاب : صفة الصفوة المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 316
قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال: " أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟ " قالت له بريرة والذي بعثك بالحق ان رأيت عليها أمراً قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتاتي الداجن فتأكله.
قالت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: " يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني إذاه في أهل بيتي؟ فو الله ما علمت على أهلي الا خيراً. ولقد ذكروا رجلاً ما عملت عليه إلا خيراً وما كان يدخل على أهلي إلا معي".
فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال: أنا اعذرك منه يا رسول الله، ان كان من الاوس ضربنا عنقه وان كان من اخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك. قالت: فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان رجلاً صالحاً ولكن أجهلته الحمية فقال لسعد بن معاذ: كذبت والله لا تقتله ولا تقدر على قتله،
فقام أسيد بن حُضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة كذبت، لعمر الله لنقتلنه. فإنك منافق تجادل عن المنافقين. فثار الحيان الاوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكتَ.
قالت وبكيت يومي ذلك لا يرقأُ لي دمع ولا أكتحل بنوم. ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل لي نوم، وأبواي يظنان أن البكاء فالقٌ كبدي. فبينما هما جالسان عندي وانا ابكي استأذنت عليَّ امرأة من الأنصار، فأذنت لها فجلست تبكي معي. فَبَيْنا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم جلس قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل، وقد لبث شهراً لا يوحى إليه في شأني شيء. قالت فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثم قال: " اما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنتِ بريئة فسيبرئك الله عز وجل، وإن كنت ألممت بذنبً فاستغفري الله عز وجل وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه".
قالت فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما احس منه قطرة. فقلت لابي: اجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال فقال: والله ما ادري ما اقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لامي اجيبي عني رسول الله فقالت والله ما ادري ما اقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت وانا جارية حديثة السن لا أقرا كثيراً من القرآن اني والله لقد عرفت انكم قد سمعتم بهذا حتى استقر في نفوسكم وصدقتم به فإن قلت لكم اني بريئة والله عز وجل يعلم
اسم الکتاب : صفة الصفوة المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 316