اسم الکتاب : صفة الصفوة المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 272
بئس المسلمون خرجت من عندهم فقال عمير اتق الله يا عمر قد نهاك الله عن الغيبة وقد رأيتهم يصلون صلاة الغداة قال عمر فأين بعثتك واي شيء صنعت قال وما سؤالك يا امير المؤمنين قال عمر سبحان الله فقال عمير أما اني لولا اخشى ان اغمك ما أخبرتك بعثتني حتى أتيت البلد فجمعت صلحاء أهلها فوليتهم جباية فيهم حتى إذا جمعوه وضعته مواضعه ولو نالك منه شيء لاتيتك به قال فما جئتنا بشيء قال لا قال جددوا لعمير عهدا قال ان ذلك شيء لا اعمله لك ولا لأحد بعدك والله ما سلمت بل لم أسلم لقد قلت لنصراني اخزاك الله فهذا ما عرضتني له يا عمر وان اشقى ايامي يوم خلفت معك.
ثم استأذنه فاذن له فرجع إلى منزله وبينه وبين المدينة اميال فقال عمر حين انصرف عمير ما اراه إلا قد خاننا فبعث رجلا يقال له الحارث واعطاه مائة دينار وقال انطلق إلى عمير حتى تنزل به كأنك ضيف فان رأيت اثر شيء فاقبل وان رأيت حالا شديدا فادفع إليه هذه المائة الدينار فانطلق الحارث فإذا هو بعمير جالس يفلي قميصه إلى جنب الحائط فقال له عمير أنزل رحمك الله فنزل ثم ساءله فقال من اين جئت فقال من المدينة فقال كيف تركت امير المؤمنين فقال صالحا قال فكيف تركت المسلمين قال صالحين قال اليس يقيم الحدود قال بلى ضرب ابنا له على فاحشة فمات من ضربه فقال عمير اللهم اعن عمر فاني لا اعلمه إلا شديدا حبه لك.
قال فنزل به ثلاثة أيام وليس لهم إلا قرصة من شعير كانوا يخصونه بها ويطوون حتى أتاهم الجهد فقال له عمير انك قد اجعتنا فان رأيت ان تتحول عنا فافعل. قال فاخرج الدنانير فدفعها إليه فقال بعث بها امير المؤمنين فاستعن بها قال فصاح وقال لا حاجة لي فيها فردها فقالت له امراته ان احتجت إليها والا فضعها في مواضعها فقال عمير والله ما لي شيء اجعلها فيه فشقت المرأة اسفل درعها فاعطته خرقة فجعلها فيها ثم خرج فقسمها بين أبناء الشهداء والفقراء ثم رجع والرسول يظن أنه يعطيه منها شيئا فقال له عمير اقريء مني امير المؤمنين السلام.
فرجع الحارث إلى عمر فقال ما رأيت قال رأيت يا امير المؤمنين حالا شديدا قال فما صنع بالدناينر قال لا ادري قال فكتب إليه عمر إذا جاءك كتابي هذا فلا تضعه من يدك حتى تقبل فاقبل إلى عمر فدخل عليه فقال له عمر ما صنعت بالدنانير قال صنعت وما سؤالك عنها قال انشد عليك لتخبرني ما صنعت بها قال قدمتها لنفسي،
اسم الکتاب : صفة الصفوة المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 272