اسم الکتاب : صفة الصفوة المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 255
ادعك قلد تموها في عنقي وتركتموني فقال عمر إلا نفرض لك رزقا قال قد جعل الله تعالى في عطائي ما يكفيني دونه أو فضلا على ما اريد.
قال وكان إذا خرج عطاؤه ابتاع لأهله قوتهم وتصدق ببقيته فتقول له امراته اين فضل عطائك فيقول لها قد اقرضته فأتاه ناس فقالوا ان لأهلك عليك حقا وان لاصهارك عليك حقا فقال ما أنا بمستأثر عليهم ولا بملتمس رضا أحد من الناس لطلب الحور العين ولو اطلعت خيرة من خيرات الجنة لاشرقت لها الأرض كما تشرق الشمس وما أنا بمتخلف عن العنق الأول بعد ان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يجمع الله عز وجل الناس ليوم فيجيء فقراء المؤمنين فيزفون كما يزف الحمام فيقال لهم قفوا عند الحساب فيقولون ما عندنا حساب ولا تيتمونا شيئا فيقول ربهم عز وجل صدق عبادي فيفتح لهم باب الجنة فيدخلونها قبل الناس بسبعين عاما".
فبلغ عمر أنه يمر به كذا وكذا لا يدخن في بيته فارسل إليه عمر بمال فأخذه فصرره صررا فتصدق به يمينا وشمالا وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لو ان حوراء اطلعت اصبعا من اصابعها لوجد ريحها كل ذي روح" فانا ادعهن لكن فوالله لانتن احرى ان ادعكن لهن منهن لكن"[1].
وعن حسان بن عطية قال لما عزل عمر بن الخطاب معاوية بن أبي سفيان عن الشام بعث سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي قال فخرج معه بجارية من قريش نضيرة الوجه قال فما لبث إلا يسيرا حتى اصابته حاجة شديدة قال فبلغ ذلك عمر فبعث إليه بالف دينار قال فدخل بها على امراته فقال ان عمر بعث إلينا بما ترين فقالت لو انك اشتريت ادما وطعاما وادخرت سائرها فقال لها أولا ادلك على افضل من ذلك نعطي هذا المال من يتجر لنا فيه فناكل من ربحها وضمانها عليه قالت فنعم إذا فاشترى ادما وطعاما واشترى غلامين وبعيرين يمتاران عليهما حوائجهم وفرقها على المساكين وأهل الحاجة.
قال فما لبث إلا يسير حتى قالت له امراته أنه قد نفد كذا وكذا فلو اتيت ذلك الرجل فأخذت لنا من الربح فاشتريت لنا مكانه قال فسكت عنها ثم عاودته فسكت عنها حتى آذته ولم يدخل بيته إلا من ليل إلى ليل.
قال وكان رجل من أهل بيته ممن يدخل بدخوله فقال لها ما تصنعين انك قد اذيته وانه قد تصدق بذلك قال فبكت اسفا على ذلك المال. [1] أخرجه الطبراني وابن عساكر في تاريخ دمشق وعزاه صاحب كنز العمال للحسن بن سفيان أنظر كنز العمال 39469.
اسم الکتاب : صفة الصفوة المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 255