اسم الکتاب : صفة الصفوة المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 232
جبل مُزَينة فوجدا المدينة خلية فسألا أين الناس؟ فقالوا: بأحد، خرج رسول الله. صلى الله عليه وسلم يقاتل المشركين فقالا: لا نسال أثراً بعد عين. فأسلما ثم خرجا فأتيا النبي. صلى الله عليه وسلم بأحد فإذا الدَّولة للمسلمين فاغارا مع المسلمين في النهب وقاتلا أشد القتال، وكانت قد انفرقت فِرقة من المشركين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن لهذه الفرقة؟ " فقال وهب: أنا. فرماهم بالنبل حتى انصرفوا ثم رجع. فانفرقت اخرى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من لهذه؟ " فقال المزني: أنا فقام فذبّها بالسيف حتى ولُّوْا ورجع المزني. ثم طلعت كتيبة اخرى فقال: "من يقوم لهؤلاء؟ " فقال المزني أنا فقال: "قم وابشر بالجنة" فقام المزني مسروراً يقول: والله لا اقيل ولا استقيل فجعل يقوم فيهم فيضرب بالسيف حتى يخرج من اقصاهم حتى قتلوه ومثّلوا به. ثم قام ابن اخته الحارث فقاتل كنحو قتاله حتى قُتل. فوقف عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما مقتولان فقال: "رضي الله عنه فإني عنك راضٍ". بعني وهْباً. ثم قام على قدميه وقد نال ما ناله من الجرح وان القيام ليشقّ عليه، فلم يزل قائماً حتى وضع المزنيَّ في لحده. فكان عمر وسعد بن مالك يقولان: ما حالٌ نموت عليها أحب إلينا من ان نلقي الله على حال المزني.
69- حنظلة بن أبي عامر الراهب.
وكان أبوه أبو عامر يسال عن ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستوصف صفته الاحبار ويلبس المُسوح ويترهّب. فلما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حسده فلم يؤمن به. وكان ابنه حنظلة من خيار المسلمين واستاذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل أباه فنهاه عن قتله.
وتزوج حنظلةُ جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول فأدخلت في الليلة التي في صبيحتها كان قتال أحد وكان قد استاذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يبيت عندها فاذن له.
فلما أسفر الصبح غدا يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد ثم مال إلى الجميلة فاجنب منها. وكانت قد أرسلت اربعة من قومها فأشهدتهم أنه دخل بها، فقيل لها قي ذلك فقالت: رأيت كأن السماء قد فُرجت له فدخل فيها ثم أطبقت، فقلت هذه الشهادة. وعلقت بعبد الله بن حنظلة.
وأخذ حنظلة سلاحه فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يسوي الصفوف فلما انكشف المسلمون اعترض حنظلة لأبي سفيان بن حرب فضرب عُرقب فرسه فوقع أبو سفيان، فحمل رجل منهم على حنظلة فأنفذه بالرمح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء المزن في صحاف الفضة" [1]. [1] صحيح: أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 2/33.
اسم الکتاب : صفة الصفوة المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 232