responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صفة الصفوة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 190
منها قالوا: وما هنَّ؟ قال: يأتي زمان يظهر فيه الباطل ويصبح الرجل على دين ويمسي على آخر، ويقول الرجل: والله لا أدري على ما أنا؟ لا يعيش على بصيرة ولا يموت على بصيرة، ويعطي الرجل من المال مال الله على أن يتكلم بكلام الزور الذي يسخط الله، اللهم آت آل معاذ نصيبهم الأوفى من هذه الرحمة. فطُعن ابناه فقال: كيف تجدانكما؟ قالا: يا أبانا، {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [آل عمران: 60] قال: وأنا ستجداني إن شاء الله من الصابرين.
ثم طُعنت امرأتاه فهلكتا وطُعن هو في إبهامه فجعل يمسها بفيه ويقول: اللهم إنها صغيرة فبارِك فيها فإنك تبارك في الصغيرة حتى هَلك.
وعن الحارث بن عمير قال: طُعن معاذ وأبو عبيدة وشُرحبيل ابن حسنة، وأبو مالك الأشعري في يوم واحد. فقال معاذ: إنه رحمة ربكم ودعوة نبيكم وقبضُ الصالحين من قبلكم، اللهم آت آل معاذ النصيب الأوفر من هذه الرحمة. فما أمسى حتى طعن ابنه عبد الرحمن بكره الذي كان يكنى به وأحبَّ الخلق إليه. فرجع من المسجد فوجده مكروباً فقال يا عبد الرحمن كيف أنت؟ فقال: يا أبة {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [آل عمران: 60] فقال معاذ: وأنا إن شاء الله ستجدني من الصابرين. فأمسكه ليلته ثم دفنه من الغد. فطعن معاذ فقال حين اشتد به نزع الموت فنزع نزعاً لم ينزعه أحد وكان كلما أفاق من غمرة فتح عينيه ثم قال رب اخنقني خنقك، فوعزتك إنك لتعلم أن قلبي يحبك[1].
وعن عمر بن قيس عمن حدثه عن معاذ قال، لما حضره الموت قال: انظروا أصبحنا؟ قال: فأتي فقيل: لم نصبح حتى أتى في بعض ذلك فقيل له: قد أصبحت. فقال: أعوذ بالله من ليلة صباحها النار، مرحباً بالموت مرحباً، زائر مغب، حبيب جاء على فاقة، اللهم إني قد كنت أخافك وأن اليوم أرجوك، إنك لتعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لكري النهار ولا لغرس الأشجار ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر.
اتفق أهل التاريخ أن معاذاً رضي الله عنه مات في طاعون عمواس يناحية الأردن من الشام سنة ثماني عشرة، واختلفوا في عمره على قولين أحدهما ثمان وثلاثون سنة، والثاني ثلاث وثلاثون.
وعن سعيد بن المسيب قال رُفع عيسى بن مريم وهو ابن ثلاث وثلاثين، ومات معاذ وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة.
وعن سعيد بن المسيب قال قبض معاذ بن جبل وهو ابن ثلاث وثلاثين أو أربع وثلاثين سنة.

[1] أنظر سير أعلام النبلاء 3/289. وحلية الأولياء 812.
اسم الکتاب : صفة الصفوة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 190
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست