- نعم يا أبا معاذ، ولكنني أود أن أشير إلى شيء مهم وهو أن مقابلة السيئة بالحسنة عندما يكون في درء السيئة دفعها، فأما حين تحتاج السيئة إلى قمع أو تهذيب وتأديب ويحتاج الشر إلى الدفع فلا مكان لمقابلته بالحسنة لئلا يتجرأ صاحب الشر ويستعلي.
وسأل معاذ والديه قائلا:
وهل في درء سيئة صديقي بالحسنة ما يهذب نفسه ويطفئ الشر في داخله؟
- نعم يا بني، فدرء السيئة بالحسنة غالبا يكون في المعاملة الشخصية بين المتماثلين، فأما في دين الله فلا وألف لا. . إن المستعلي الغاشم [1] لا يجدي معه إلا الدفع الصارم، والمفسدون في الأرض لا يجدي معهم إلا الأخذ الحاسم، وفهم التوجيهات القرآنية متوقّف على تدبر المواقف واستشارة الألباب والتصرف بما يرجح أنه الخير والصواب.
وتابعت الأم قول زوجها:
نعم يا بني، إن الحسنة لا يستوي أثرها كما لا تستوي قيمتها مع السيئة. . وإن الصبر والتسامح والاستعلاء على رغبة النفس في مقابلة الشر بالشر يرد النفوس الجامحة إلى الهدوء والثقة فتنقلب من الخصومة إلى الولاء ومن الجماح إلى اللين مصداقا لقول الله [1] الظالم أو الغاصب.