responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رياض الصالحين - ط الرسالة المؤلف : النووي، أبو زكريا    الجزء : 1  صفحة : 432
"عِطْفَاهُ"جانِباهُ، وهو إشارةٌ إلى إعجابِهِ بنفسهِ.

256- باب مَا يُباح من الغيبة
اعْلَمْ أنَّ الغِيبَةَ تُبَاحُ لِغَرَضٍ صَحيحٍ شَرْعِيٍّ لا يُمْكِنُ الوُصُولُ إِلَيْهِ إِلاَّ بِهَا, وَهُوَ سِتَّةُ أسْبَابٍ:
الأَوَّلُ: التَّظَلُّمُ, فَيَجُوزُ لِلمَظْلُومِ أنْ يَتَظَلَّمَ إِلَى السُّلْطَانِ والقَاضِي وغَيرِهِما مِمَّنْ لَهُ وِلاَيَةٌ, أَوْ قُدْرَةٌ عَلَى إنْصَافِهِ مِنْ ظَالِمِهِ, فيقول: ظَلَمَنِي فُلاَنٌ بكذا.
الثَّاني: الاسْتِعانَةُ عَلَى تَغْيِيرِ المُنْكَرِ, وَرَدِّ العَاصِي إِلَى الصَّوابِ, فيقولُ لِمَنْ يَرْجُو قُدْرَتهُ عَلَى إزالَةِ المُنْكَرِ: فُلانٌ يَعْمَلُ كَذا, فازْجُرْهُ عَنْهُ ونحو ذَلِكَ ويكونُ مَقْصُودُهُ التَّوَصُّلُ إِلَى إزالَةِ المُنْكَرِ, فَإنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ كَانَ حَرَاماً.
الثَّالِثُ: الاسْتِفْتَاءُ, فيقُولُ لِلمُفْتِي: ظَلَمَنِي أَبي, أَوْ أخي, أَوْ زوجي, أَوْ فُلانٌ بكَذَا, فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ وَمَا طَريقي في الخلاصِ مِنْهُ, وتَحْصيلِ حَقِّي, وَدَفْعِ الظُّلْمِ؟ وَنَحْو ذَلِكَ, فهذا جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ, ولكِنَّ الأحْوطَ والأفضَلَ أنْ يقول: مَا تقولُ في رَجُلٍ أَوْ شَخْصٍ, أَوْ زَوْجٍ, كَانَ مِنْ أمْرِهِ كذا, فَإنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الغَرَضُ مِنْ غَيرِ تَعْيينٍ وَمَعَ ذَلِكَ, فالتَّعْيينُ جَائِزٌ كَمَا سَنَذْكُرُهُ في حَدِيثِ هِنْدٍ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
الرَّابعُ: تحذير المسلمين مِنَ الشَّرِّ وَنَصِيحَتُهُمْ, وذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:
مِنْهَا: جَرْحُ المَجْرُوحينَ مِنَ الرُّواةِ والشُّهُودِ, وذلكَ جَائِزٌ بإجْمَاعِ المُسْلِمينَ, بَلْ وَاجِبٌ للْحَاجَةِ.
ومنها: المُشَاوَرَةُ في مُصاهَرَةِ إنْسانٍ, أو مُشاركتِهِ, أَوْ إيداعِهِ, أو معاملته, أوغير ذَلِكَ, أَوْ مُجَاوَرَتِهِ, ويجبُ عَلَى المشاوَر أنْ لا يخفي حاله, بل يذكر المساوىء التي فيه بنية النصيحة.
ومنها: إِذَا رأى مُتَفَقِّهاً يَتَرَدَّدُ إِلَى مُبْتَدِعٍ, أَوْ فَاسِقٍ يَأَخُذُ عَنْهُ العِلْمَ, وخَافَ أنْ يَتَضَرَّرَ المُتَفَقِّهُ بِذَلِكَ, فَعَلَيْهِ نَصِيحَتُهُ بِبَيانِ حَالِهِ, بِشَرْطِ أنْ يَقْصِدَ النَّصِيحَةَ, وَهَذا مِمَّا يُغلَطُ فِيهِ. وَقَدْ يَحمِلُ المُتَكَلِّمَ بِذلِكَ الحَسَدُ, وَيُلَبِّسُ الشيطان عَلَيْهِ ذَلِكَ, ويُخَيْلُ إِلَيْهِ أنَّهُ نَصِيحَةٌ فَليُتَفَطَّنْ لذلك.
ومنها: أن يكون له ولاية لايقوم بها على وجهها، إما بأن لايكون صَالِحاً لَهَا، وإما بِأنْ يكونَ فَاسِقاً, أَوْ مُغَفَّلاً, وَنَحوَ ذَلِكَ فَيَجِبُ ذِكْرُ ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ ولايةٌ عامَّةٌ لِيُزيلَهُ, وَيُوَلِّيَ مَنْ يُصْلحُ, أَوْ يَعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ لِيُعَامِلَهُ بِمُقْتَضَى حالِهِ, وَلاَ يَغْتَرَّ بِهِ, وأنْ يَسْعَى في أنْ يَحُثَّهُ عَلَى الاسْتِقَامَةِ أَوْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ.
الخامِسُ: أنْ يَكُونَ مُجَاهِراً بِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ كالمُجَاهِرِ بِشُرْبِ الخَمْرِ, ومُصَادَرَةِ النَّاسِ, وأَخْذِ المَكْسِ؛ وجِبَايَةِ الأمْوَالِ ظُلْماً وَتَوَلِّي الأمُورِ الباطِلَةِ, فَيَجُوزُ ذِكْرُهُ بِمَا يُجَاهِرُ بِهِ؛ وَيَحْرُمُ ذِكْرُهُ بِغَيْرِهِ مِنَ العُيُوبِ, إِلاَّ أنْ يكونَ لِجَوازِهِ سَبَبٌ آخر مما ذكرناه.

اسم الکتاب : رياض الصالحين - ط الرسالة المؤلف : النووي، أبو زكريا    الجزء : 1  صفحة : 432
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست