اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 90
الركيزة الرابعة: ضرورة الدين للحضارة:
الحضارة المادية تحتاج إلى سيطرة منهج الله على مسارها ونظامها: لكي تحقق المأمول من ورائها، وبذلك تنمو، وتزدهر، وتحقق السعادة، وتنشر السلام؛ لأنها حينئذ حضارة طيبة في أساسها، وهيكلها، وامتدادها، تعيش بالحق، وتعمل له، وتهدف إليه.
وهكذا استمر هود -عليه السلام- يدعو، ويبرهن عن صدق دعوته ...
ونلاحظ أنه -عليه السلام- جعل براهينه حياة الناس، والنعم التي يرفلون فيها، ووضح كافة الجوانب في معاشهم، حتى يعتبروا، لكنهم لم يؤمنوا، واستمروا على كفرهم.
د- لم يضعف، ولم ينهزم أمامهم، وظل يعمل واثقا بنصر الله له، وترجع شجاعته وهو يتحدى الجمع الغفير بقوة، رغم أنه فرد واحد، يرجع ذلك إلى ثقته في الله وتوكله عليه، وقد بين لهم سر قوته فيما حكاه الله عنه: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [1], فهو سبحانه بيده الحكم، والأمر كله له، ومن يتوكل عليه فهو حسبه، وجدير بمن يتوكل على الله أن يتبدل خوفه أمنا، ويصير ضعفه قوة، ويشعر بعزة الله وجلاله، وعظمته وهو يواجه الأهوال والمصاعب.
هـ- خوف القوم هودا بآلهتهم, فقال لهم: {قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} [2], وعرفهم بأنه لا يخاف كيدهم، وتآمرهم جميعا، فقال لهم: {مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ} [3].
و واجه هود قومه مواجهة مباشرة، وناقشهم في أفكارهم، واستفاد بكل الوسائل التي أمكنه الاستفادة بها وهو يدعوهم إلى الله تعالى. [1] سورة هود آية: 56. [2] سورة هود آية: 54. [3] سورة هود آية: 55.
اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 90