اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 546
ولقد مدح القرآن سائر الرسل وأظهر صدقهم فقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [1]، وقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} [2]، وقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [3].... وهكذا وصفهم القرآن بالصدق بصيغة المبالغة مع تقديم هذه الصفة في الذكر على النبوة؛ لأن النبوة متوقفة عليها، ولن تكون بدونها، ولم يحدث عمليا أن كذب نبي قط، وما جاء من أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم كذب ثلاث كذبات مثل ما روى مسلم والبخاري عن أبي هريرة من عدة طرق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -واللفظ للبخاري- قال: "لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات اثنتين منهن في ذات الله عز وجل قوله: إني سقيم، وقوله: بل فعله كبيرهم هذا، وقال بينما هو ذات يوم وسارة إذ أتى على جبار من الجبابرة، فقيل له إن ههنا رجلا معه امرأة من أحسن الناس فأرسل إليه فسأله عنها فقال من هذه؟ " قال: أختي، فأتى سارة: قال يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك وأن هذا سأل فأخبرته أنك أختى فلا تكذبيني" [4].
هذا الذي جاء منافيا للصدق الدائم لرسل الله يجعلنا نحمله على معاريض القول، والمعاريض نوع من البديع، معناه أن يدل اللفظ على معنيين أحدهما صدق ينويه المتكلم في نفسه، والثاني كذب يسكت المتكلم عن نفيه إسكاتا للمجادل، وحمل الحديث على المعاريض يجعلنا لا نكذب الحديث، ولا نكذب إبراهيم عليه السلام، وتأويل الكلمات على مفهوم المعاريض ممكن لأن معنى إني سقيم مريض القلب بسبب [1] سورة مريم آية "41". [2] سورة مريم "54". [3] سورة مريم آية "56". [4] صحيح البخاري ج4 ص141 - كتاب بدء الخلق، باب واتخذ الله إبراهيم خليلا، صحيح مسلم ج7 ص68 - كتاب الفضائل - باب فضائل إبراهيم.
اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 546