اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 545
وسيدنا إبراهيم عليه السلام يقول لأبيه: {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [1]، وعلى نمط هذا اللين والتسامح كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
واشتهر الرسل عليهم السلام كذلك بالعفة فلم يمدوا أيديهم على شيء عند الناس، ولم يحسدوا أحدا على ما آتاه الله من فضله، ولم يأخذوا أجرا على دعوتهم، ولم يكونوا عالة على أحد قط، فلقد رعي جميعهم الغنم يتكسبون لمعاشهم ويستغنون بها عن عطاء الناس، يبين النبي ذلك حين سأله جابر رضي الله عنه: وهل كنت ترعى الغنم؟ قال له: "وهل من نبي إلا وقد رعاها" [2]، يقول السهيلي وإنما جعل الله هذا -رعي الغنم- في الأنبياء ليكونوا رعاة الخلق بعد ذلك، وليكون الخلق رعاياهم[3]، هذا وقد أكد الرسل جميعا لأقوامهمم إنهم لا يأخذون أجرا على دعوتهم ولا يطلبونه البتة، وذكروا ذلك في وضوح حيث قالوا جميعا لأقوامهم: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [4].
واشتهر الرسل عليهم السلام أيضا بالصدق، ومن أجل تأكيد صدقهم أتتهم المعجزات الخارقة للعادة، لتكون دليل صدق على البلاغ، يقول صاحب المواقف: "أجمع أهل الملل والشرائع على عصمة الأنبياء من تعمد الكذب فيما دل على صدقهم فيه، كدعوى الرسالة، فيما يبلغونه عن الله"[5] ولا بد من صدقهم في هذا، لئلا تبطل فائدة الرسالة؛ إذ لو جاز كذب النبي في الأحكام التبليغية لبطلت دلالة المعجزة على صدقه، فيما أتى به من الله، مع أن دلالة المعجزة على صدقه دلالة عادية قطعية[6]. [1] سورة مريم آية "47". [2] صحيح البخاري ج4 ص191 - كتاب بدء الخلق - باب يعكفون على أصنام لهم. [3] هامش سيرة النبي ج1 ص178. [4] سورة الشعراء آية "109". [5] شرح المواقف ج3 ص204. [6] شرح العلامة عبد الحكيم ص467.
اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 545