اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 431
4- موقفه من صاحب الرأي الآخر:
لم يكن سليمان -عليه السلام- مستبدا ولا غليظا، وإنما كان نبيا وملكا، ينظر إلى مخلوقات الله، ويقدر لها رأيها, ويسمع قولها، ويناقشها ليصل إلى الحق.
إنه -عليه السلام- جمع جنوده في حشد ضخم, وسار بهم، فلما اقترب من وادي النمل، قالت نملة لإخوانها: ادخلوا مساكنكم، حتى لا يقتلكم سليمان وجنوده، وهم لا يشعرون بجريمتهم، فسمع سليمان حديث النملة, ولم يغضب, ولم يعاتب، ولم يغير أمرها لإخوانها، وإنما استحسن صنيعها، وتوجه بالشكر لله الذي علمه منطق النمل.
وليس كما يقول الوضَّاعون: إن سليمان استغرق في استعراض الخيل حتى فاتته صلاة العصر، ولذلك أعادها، وأخذ يقطع سيقانها، ويضرب صدورها بالسيف؛ انتقاما منها وتقربا إلى الله تعالى.... ولكن متى عد قتل الحيوان تقربا إلى الله؟ وما ذنب الخيل في فوات صلاة العصر؟ إنه دخيل، موضوع، ويمكن إجمال الغرض من مسح سليمان -عليه السلام- للخيل فيما يلي:
أ- تشريفها، وتكريمها، وإظهار فضلها؛ لكونها من أعظم الأعوان في دفع العدو.
ب- إبراز قاعدة المسئولية السياسية، التي يتحملها الراعي تجاه رعيته، وعلى الملك أن يباشر الأمور بنفسه، مهما كان أتباعه، وجنده.
ج- أنه كان خبيرا بطب الخيل، فأراد أن يطمئن عليها قبل أن تبيت.
وهكذا نراه -عليه السلام- يهتم بأحوال رعيته على اختلاف أجناسهم وأنواعهم وأعمالهم.
واهتمامه بالطير، والحيوان، والنمل دليل على اهتمامه بالناس؛ لأنه وجه كل ما سخر له لصنع حضارة تخدم الناس.
اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 431