اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 273
وبهذا يعرف أن موسى -عليه السلام- ضرب القبطي بقبضة يده، ووكزه بها، فمات بسببها، فلما قضى عليه، استغفر موسى ربه، وتاب إليه، فقبل الله توبته, إنه هو الغفور الرحيم.
يتحدث المفسرون، والمؤرخون عن عمر موسى في هذا الوقت، ويوردون آراء كثيرة، تبعا لاختلافهم في المراد بالحكم، والعلم، الذي آتاه الله لموسى -عليه السلام- وذكره في قوله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [1]، فمن يراه النبوة والفقه، يذهب على أن موسى قد بلغ مبلغ النبوة، وهو أربعون سنة، ومن يراه الفهم والإدراك، يذهب إلى أنه كان صغيرا لا يتجاوز ثلاثين عاما، ومنهم كعب الذي يذكر أن عمر موسى في هذا الوقت كان اثنتي عشرة سنة[2].
وأرى -والله أعلم- أنه كان صغيرا؛ لأنه عاش عند مدين عشر سنوات على الأقل، وتزوج وعاد إلى مصر مرة أخرى، فأتاه الوحي حين عودته بسيناء في الوادي المقدس، وكلف بالرسالة عندها، وهذا يرجح أنه لم يتجاوز ثلاثين عاما وقت مقتل القبطي.
وعند صباح اليوم التالي أصبح موسى خائفا، يسير بين الناس، ويترقب الأخبار والحوادث، وبينما هو كذلك إذا بالرجل الذي استنصره بالأمس يستغيث به مرة ثانية؛ لينصره على قبطي آخر يقاتله، فرد عليه موسى غاضبا: إنك سيئ التفكير، لا تقدر الأمور كما ينبغي، تشاد من لا تطيقه، وتجلب شر من لا تقدر عليه, وهذا ظاهر في مخاصماتك، ومشاجراتك ... سمع الإسرائيلي هذا اللوم العنيف من موسى، فاهتم في قتل القبطي، وخاف القبطي من وجود موسى فحذره من [1] سورة القصص آية: 14. [2] تفسير القرطبي ج13 ص261.
اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 273