اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 240
ثانيا: حركة موسى بالدعوة للإسرائيليين
...
ويبدو أن الإسرائيليين شعروا بعجزهم في الالتزام بهذا الميثاق، فحاولوا التخلص منه بعد إقراره، لتعارضه مع طبيعتهم، ونفسياتهم، لكن موسى -عليه السلام- لم يقبل منهم التردد؛ لعلمه أنهم لا يطيقون الحق، ولا بد من حملهم عليه حملا، فأمر الله الملائكة فرفعت الجبل فوق رءوسهم، حتى صار غمامة فوقهم، وقال لهم موسى: إما أن تقبلوا ما في الألواح، وإلا سقط عليكم الجبل، فخافوا, وقبلوا الألواح، وسجدوا لله تعالى.
يقول الله تعالى عن هذه الحادثة: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [1]، ودلالة الآية ظاهرة في أنهم أطاعوا الله بالخوف، ولولا ذلك لاستمروا على المعصية والتمرد.
المسألة الثامنة: عدوانهم يوم السبت
حرم الله على اليهود صيد السمك يوم السبت؛ ليختبر صدقهم في تدينهم، ومدى إخلاصهم في الطاعة والانقياد، وقدر الله أن يكون النهر في يوم السبت مليئا بالحيتان، تأتيهم مشرعة، بيضاء، سمانا، لا يُرَى الماء من كثرتها، وتغيب عنهم في الأيام الأخرى، فاستمروا على الطاعة مدة، إلا أنهم لم يصبروا طويلا، وتحايلوا في المعصية، فمنهم من كان يصطاد يوم السبت، ويترك صيده في الماء مربوطا بالحبال، ليأخذه يوم الأحد، أو في يوم آخر، ومنهم من حفر جدولا صغيرا، يحبس فيه السمك يوم السبت، ويأخذه في الأيام الأخرى، فنصحهم فريق منهم، فلم يسمعوا لنصحهم [1] سورة البقرة الآيات: 63, 64.
"النقطة الأولى": التعريف بـ "أيوب" عليه السلام
أيوب بن موص بن زراح بن إسحاق[1], من ذرية إبراهيم -عليه السلام- يقول الله تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ} [2], والضمير في {ذُرِّيَّتِهِ} يعود إلى إبراهيم -عليه السلام- وأيوب نبي أوحى الله إليه؛ لقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ} [3].
وقد تزوج أيوب ابنة عمه، قيل: اسمها: رحمة بنت يوسف بن يعقوب[4]، وكان مبعثه -عليه السلام- بـ "حران"[5].
وقد مدحه الله تعالى, وأبرز صفاته الخيرة، فقال تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [6].
فلقد التزم عليه السلام مقام العبودية، وأسلم أمره لله تعالى، وابتلي فصبر, وكان كثير التسبيح لله رغم ما كان فيه من بلاء.
لم يتحدث القرآن الكريم عن دعوة أيوب -عليه السلام- واكتفى بالحديث عن خصائصه, وصفاته، وما ابتلي به.
يقول الحافظ ابن حجر: "وكان له البثنية[7], سهلها، وجبالها، وله فيها أهل ومال وولد، فسلب ذلك منه شيئا فشيئا، وهو يصبر ويحتسب، ثم ابتلي في [1] البداية والنهاية ج1 ص220. [2] سورة الأنعام آية: 84. [3] سورة النساء آية: 163. [4] البداية والنهاية ج1 ص221. [5] فتح الباري ج6 ص421. [6] سورة ص آية: 44. [7] بفتح الباء والثاء وكسر النون: اسم ناحية من نواحي الشام, بين دمشق وأذرعات. "معجم البلدان ج1 ص338".
اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 240