اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 124
يبين الرازي في التفسير أن النمرود بعد عجزه عن المواجهة لجأ إلى التهديد، وقال لإبراهيم: لئنك تزعم أن ربك يحيي الموتى, فاسأله أن يحيي لنا ميتا، وإلا قتلتك.
فطلب إبراهيم من الله رؤية كيفية إحياء الموتى؛ ليطمئن قلبه من ناحية الملك الذي هدده بالقتل ... يقول الله عن هذا: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [1].
فأخذ إبراهيم -عليه السلام- الطيور الأربعة، وقطع لحومها، وريشها، وخلطها، وقسمها أربعة أقسام، ووضعها على أربعة أجبل، ثم دعاها إليه، فجاءته الطيور الأربعة حية كما كانت، فأثبت إبراهيم عليه السلام أمام النمرود قدرة الله على الإحياء، وقطع عليه الجدل في هذه المسألة، فرضي إبراهيم، واطمأن.
وهذا التفسير الذي ارتآه الفخر الرازي وغيره هو الأولى[2] بالقبول؛ لأنه يدفع مقالة أعداء الحق، الذين زعموا أن طلب إبراهيم يدل على شكه، وأيضا فإن إبراهيم -عليه السلام- رسول الله الموصوف بالصلاح، والرشد، واليقين، والحلم، والإنابة, والصديقية، وكان أمة، وإماما، وشاكرا، وهو الذي وفى.
إبراهيم هذا لا يحتاج إلى دليل لينتقل من علم اليقين إلى عين اليقين ...
ولِمَ يكون الدليل المطلوب إذا قلنا: إن إبراهيم طلبه لنفسه, في رؤية كيفية إحياء الموتى بالذات؟! والأدلة أمامه كثيرة ... كل هذا يرجح ما ذهب إليه الرازي. [1] سورة البقرة آية: 260. [2] تفسير الرازي ج4، ص41.
اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 124