اسم الکتاب : دستور الأخلاق في القرآن المؤلف : دراز، محمد بن عبد الله الجزء : 1 صفحة : 640
بل إن هنالك فرصة ممتازة يجب أن نهتبلها، كيما نتأمل تأملًا سليمًا في طبيعتنا، وعلاقتنا بالله، وبالناس.
بأي خشوع -في الواقع- يتعين علينا أن ننظر إلى ضعفنا تحت ضغط الضرورات على أبداننا: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [1].
وأية عظمة، وأي إحسان، نحن مدينون بهما لله، الذي وهبنا هذا النور: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [2].
وأخيرًا لنذكر بعض إخواننا الذين يتألمون في حياتهم العادية، دون أن تضطرهم إلى ذلك تكاليف أخلاقية أو ظروف طبيعية عامة. إن مساعدة البائسين، التي أوصى الله سبحانه بها -خاصة- في شهر الصوم، والتي تصبح تكليفًا صريحًا عقب الصوم -هذه المساعدة ليست سوى نتيجة منطقية، ومحصلة لهذه العبادة.
وأيًّا ما كان أمر هذه المنافع ذات الطابع الأخلاقي، أو تلك المنافع الأخرى ذات الطابع العضوي "أو الفسيولوجي" فمن الواضح لأعيننا أن الألم البدني الناشئ عن الحرمان ليس من أهداف الشارع الإسلامي. ولئن كان ينجم أحيانًا من أداء واجب أخلاقي فإنه يفرض بدوره واجبات أخرى. بل إن الإمساك المتطاول، على رغم هذا الألم، هو عمل باطني من الناحية الإيجابية، تقاوم به الإرادة مطالب الجسد. والجانب المادي في الإمساك يتمثل في تحمل الآلام أكثر من العمل ضدها، فهو يقتصر على عمل سلبي مجرد، ولا يمكن إذن أن يسمى جهدًا صريحًا. [1] النساء: 28. [2] البقرة: 185.
اسم الکتاب : دستور الأخلاق في القرآن المؤلف : دراز، محمد بن عبد الله الجزء : 1 صفحة : 640