responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دستور الأخلاق في القرآن المؤلف : دراز، محمد بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 601
ضلالهم، كان لذلك تأثير موجع على نفسه، والقرآن يخاطبه بقوله: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [1].
وكما تتجه عواطفه الرقيقة نحو هذه القيم العليا، نجدها تتجه وجهة أخرى، فيما حدثنا عن نفسه: "وجعلت قرة عيني في الصلاة" [2].
فالقداسة الإسلامية لا تتمثل إذن في لامبالاة مطلقة حيال الفطرة، ولكن في تفضيل مؤكد بصفة خاصة للقيم الروحية. ولذلك نجد أن القرآن حين يصف المؤمنين الصادقين لا يقول: إنهم لا يحبون إلا الله، ولكن يقول: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [3].
وإذن، فلكي نطرح مشكلة الجهد والانبعاث التلقائي لسنا بحاجة إلى أن نفترض حالة تكون فيها القوى المناهضة للواجب منعدمة تمامًا، بل حسبنا أن ننطلق من واقع عدم التساوي بين القوى المتصارعة؛ لأن أدنى تفوق للشعور الخير يجب أن يخفف بنفس النسبة من ثقل التكليف، ومن التضحية التي تفرضها المقاومة، ولقد ذكر القرآن هذه الملاحظة، فبعد أن أوصى بأن نستعين بالصبر والصلاة قال: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [4].
وليس من العسير أن نرى -في الواقع- من خلال النزاع الذي يقابل بين قوى متنافرة على هذا النحو -انتصارًا يبدو، أو يتجلى في خطوطه العريضة، ونقول فقط: "في خطوطه العريضة" لأننا لسنا بصدد عمل خاص تبلور بصورة ما، ويقبل عليه الإنسان عند الاقتضاء بطريقة مباشرة وآلية، بل

[1] الشعراء: 3.
[2] النسائي, كتاب عشرة النساء, باب 1, ونص الحديث: عن أنس قال: قال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة". "المعرب".
[3] البقرة: 165.
[4] البقرة: 45.
اسم الکتاب : دستور الأخلاق في القرآن المؤلف : دراز، محمد بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 601
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست