responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دستور الأخلاق في القرآن المؤلف : دراز، محمد بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 586
كلها، ولكنها في انتظار ظهور عمل حر وإرادي، حتى تحول هذه الشروط التقديرية إلى واقع فعلي.
فأما أن هذا فعلًا هي حالة الكائن الأخلاقي فذلك هو ما يبدو أن القرآن قد دل عليه دلالة كافية بالآيات الآتية:
فمع أن الإنسان -من ناحية- قد ولد محرومًا من جميع المعارف العقلية والحسية، فإنه قد زود بملكات قادرة على أن تقدم له ما يتمنى من هذه المعارف: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ} [1]. ومتى ما صاغ الله نفس الإنسان وسواها استودعها فكرتي الخير والشر: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [2].
فذلكم هو مجموع الوسائل التي تتصرف فيها كل نفس إنسانية، وبفضلها تستطيع أن تتصور مباشرة المثل الأعلى الذي تسعى إليه، وأن تشعر بالرغبة في بلوغه، وأن تلتزم بتحقيقه بذاتها.
وليس ينقص من صدق هذا القول -من ناحية أخرى- أن النفس الإنسانية، على الرغم من وجود استعدادها بكل هذا الجهاز، تظل دائمًا قابلة للترقي، والتردي، للازدهار والذبول، بتأثير إرادتها الخاصة: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [3].
ومن ثم تنبع الضرورة الأخلاقية، أن يعمل الإنسان، وأن يتحمل مسئوليته: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ

[1] النحل: 78.
[2] الشمس: 7 و8.
[3] الشمس: 9 و10.
اسم الکتاب : دستور الأخلاق في القرآن المؤلف : دراز، محمد بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 586
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست