responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دستور الأخلاق في القرآن المؤلف : دراز، محمد بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 553
وهذا التراضي يفترض، في الواقع، أن يكون كل شيء في القضايا مستمدًّا من الشرع صراحة. وبهذه الشرعية في كل شيء, وتجاه كل شيء -يحدد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معنى الإيمان في قوله: "الدين النصيحة، لله، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم" [1].
وأكثر تحايلًا من ذلك، تلك الطرق التي يصطنعها لأنفسهم أولئك المثقفون ثقافة قانونية، فهم على الرغم من تكلفهم احترام الشريعة، وحرصهم على أن لا يصادموا حروفها -يحاولون أن يجدوا فيها مخرجًا جانبيًّا يشبع أنانيتهم، ولقد أشار الحكيم الترمذي في كتاب "الأكياس والمغترين" إلى عدد من هذه الحيل:
منها: القاضي الذي يتقبل بعض الأشياء من أطراف النزاع على أنها "هدية" على حين لم يؤتها إلا بوصفه قاضيًا، ولم تقدم إليه إلا كرشوة.
ومنها: المدين الذي يرجو دائنه أن يعطيه مخالصة عامة من كل ما يمكن أن يحاسبه عليه، دون تحديد "تاركًا الأمر في نطاق الغموض، ولكن المخالصة التي يظفر بها لا صحة لها أبدًا عند الله".
ومنها: الزوج الذي تنازل له امرأته عن جزء من مالها، كيما تتفادى سوء المعاملة من ناحية زوجها، "فهذا الصنيع لا يمكن أن يعتبر بالاختيار الكامل، بل هو أدنى من أن يكون عطية عن طيب نفس، على ما اختار القرآن أن يعبر به على وجه الاشتراط، في قوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} "[2].

[1] انظر: البخاري, كتاب الإيمان, باب 43، وقد ذكر المؤلف في نصه: "ولخاصة المسلمين وعامتهم", وما نقلناه هو المنصوص عليه من حيث أشار المؤلف. "المعرب".
[2] النساء: 4, وانظر كتاب: الأكياس والمغترين, للحكيم الترمذي ص51 من المجموع، قال: "وقال الله تعالى في تنزيله في شأن المهر: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} , فهذا يأخذ منها على كره ووعيد وتعذب وإلحاح "إشارة إلى من يكره امرأته بسوء العشرة على هبته حقها", يقول: قد برأتني منه، ووهبته مني، فأين شرط الله الذي شرطه من طيب النفس، حيث قال: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} , فإنما أباح له من مهرها ما أخذه بطيب نفسها". وللمؤلف ملاحظة: أن الله قال: نفسًا، ولم يقل: قلبًا. "المعرب".
اسم الکتاب : دستور الأخلاق في القرآن المؤلف : دراز، محمد بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 553
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست