عن دينه بأنواعٍ كثيرةٍ من النواقض إذا وقع فيها، أو في أيِّ شيء منها ارتَدَّ عن الدِّين وانتقل من الملّة، ولم ينفعه مجرّد التلفّظ ب لا إله إلا الله؛ إذ إنَّ هذه الكلمة العظيمة التي هي خير الذِّكر وأفضله لا تكون نافعة لقائلها إلا إذا أتى بشروطها واجتنب كلَّ أمرٍ يُناقضها.
وما من ريب أنَّ في معرفة المسلم لهذه النواقض فائدةً عظيمةً في دينه، إذا عرفها معرفة يقصد من ورائها السلامة من هذه الشرور، والنجاة من تلك الآفات، ولهذا فإنَّ من عَرَفَ الشركَ والكفرَ والباطلَ وطرقَه وأبغضها وحذرها وحذّر منها ودفعها عن نفسه ولم يدعها تخدش إيمانه، بل يزداد بمعرفتها بصيرة في الحق ومحبة له، وكراهة لتلك الأمور ونفرةً عنها كان له في معرفته هذه من الفوائد والمنافع ما لا يعلمه إلا الله، والله - سبحانه - يُحبُّ أن تُعرف سبيلُ الحق لتُحب وتُسلك، ويحب أن تُعرف سبيل الباطل لتُجتنب وتُبغض؛ إذ إنَّ المسلم كما أنَّه مطالب بمعرفة سبيل الخير ليطبّقها، فهو كذلك مطالب بمعرفة سبل الشر ليحذرها، ولهذا ثبت في الصحيحين عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنهما - أنَّه قال: كان الصحابة يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني[1]. ولهذا - أيضاً - قيل:
عرفت الشرَّ لا للشرِّ ولكن لتوقِّيه ومن لم يعرف الشرَّ من الناس يقع فيه
وإذ كان الأمر بهذه الحال وعلى هذا القدر من الأهمية فإنَّ الواجب على كلِّ مسلم أن يعرف الأمور التي تناقض كلمة التوحيد لا إله إلا الله ليكون منها على حذر، وهي كما تقدّم تنتقض بأمورٍ كثيرةٍ، إلا أنَّ أشدَّ هذه النواقض خطرًا وأكثرها وقوعاً عشرةُ نواقض ذكرها غيرُ واحد من أهل العلم - رحمهم [1] صحيح البخاري (رقم:3606) ، وصحيح مسلم (رقم:1847) .