غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُوا بِعِبِادِتِهِمْ كَافِرِينَ} [1]، وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ البَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ} [2]، وقال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [3]، وقال تعالى: {وَالكَافِرُونَ هُمُ الظَالِمُونَ} [4]، والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، ولا ريب أنَّ صرف العبادة لغير الله ظلم؛ لأنَّه وضع لها في غير موضعها، بل إنَّه أظلم الظلم وأخطره.
إنَّ لِـ لاَ إله إلا الله - هذه الكلمة العظيمة - مدلولاً لا بدّ من فهمه، ومعنىً لا بدّ من ضبطه، إذ غيرُ نافع بإجماع أهل العلم النطقُ بها من غير فهم لمعناها، ولا عمل بما تقتضيه، كما قال الله - سبحانه -: {وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [5]، ومعنى الآية كما قال أهل التفسير؛ أي: إلا من شهد بلا إله إلا الله وهم يعلمون بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم، إذ إنَّ الشهادة تقتضي العلم بالمشهود به، فلو كانت عن جهل لم تكن شهادة، وتقتضي الصدق، وتقتضي العمل بذلك، وبهذا يتبيّن أنَّه لا بدّ في هذه الكلمة من العلم بها مع العمل والصدق، فبالعلم ينجو العبد من طريقة النصارى الذين يعملون بلا علم، وبالعمل ينجو من طريق اليهود الذين يعلمون ولا يعملون، وبالصدق ينجو من طريقة المنافقين الذين يُظهرون ما لا يُبطنون، ويكون بذلك من أهل صراط الله المستقيم، من الذين أنعم الله عليهم، غير [1] سورة الأحقاف، الآية: (5،6) . [2] سورة الحج، الآية: (62) . [3] سورة لقمان، الآية: (13) . [4] سورة البقرة، الآية: (254) . [5] سورة الزخرف، الآية: (86) .