وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض الصلاة والصيام وقد يصدر في الصدقة الواجبة والحج وغيرهما من الأعمال الظاهرة والتي يتعدى نفعها، فإن الإخلاص فيها عزيز، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة، وتارة يكون العمل لله ويشاركه الرياء فإن شاركه من أصله فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه أيضًا وحبوطه وأما إن كان أصل العمل لله ثم طرأت عليه نية الرياء وكان خاطرًا ودفعه فإنه لا يضره بغير خلاف.
فاتقوا الله عباد الله وأخلصوا أعمالكم لله وحده وابتعدوا عن الرياء والمقاصد الدنيئة فإن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.
عباد الله: إن إخفاء العمل وإسراره بين العبد وبين ربه أدعى إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء وقد جاء في الحديث أن: «من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» ، قال الله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} [البقرة: 271] فالمؤمن إذا تبرع لمشروع خيري فإنه لا ينبغي له أن يوافق على الإعلان عنه في الصحف وغيرها إلا إذا كان القصد من ذلك حث الآخرين على التبرع أو كان هذا الإعلان بغير علمه وبعض الناس إذا عمر مسجدًا كتب على بابه: عمر هذا المسجد على نفقة المحسن فلان، وهذا لا ينبغي، ويخشى أن يفسد ذلك عمله خصوصًا إذا كان قصده بذلك تخليد ذكراه.