اسم الکتاب : حراسة الفضيلة المؤلف : بكر أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 35
الصحابة نساءهم، بستر وجوههن وسائر البدن والزينة المكتسبة، واستمر ذلك في عمل نساء المؤمنين، هذا إجماع عملي دال على عموم حكم الآية لجميع نساء المؤمنين، ولهذا قال ابن جرير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية [22/ 39] : (( {وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب} يقول: وإذا سألتم أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعاً، فاسألوهن من وراء حجاب، يقول: من وراء ستر بينكم وبينهن..
)) انتهى.
الوجه الثاني: في قول الله تعالى في آية الحجاب هذه: {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} علة لفرض الحجاب في قوله سبحانه: {فاسألوهن من وراء حجاب} بمسلك الإيماء والتنبيه، وحكم العلة عام لمعلولها هنا؛ لأن طهارة قلوب الرجال والنساء وسلامتها من الريبة مطلوبة من جميع المسلمين، فصار فرض الحجاب على نساء المؤمنين من باب الأولى من فرضه على أمهات المؤمنين، وهن الطاهرات المبرآت من كل عيب ونقيصة رضي الله عنهن.
فاتضح أن فرض الحجاب حكم عام على جميع النساء لا خاصاً بأزواج النبي- صلى الله عليه وسلم -؛ لأن عموم علة الحكم دليل على عموم الحكم فيه، وهل يقول مسلم: إن هذه العلة: {ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن} غير مرادة من أحد من المؤمنين؟ فيالها من علة جامعة لم تغادر صغيرة ولا كبيرة من مقاصد فرض الحجاب إلا شملتها.
الوجه الثالث: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، إلا إذا قام دليل على التخصيص، وكثير من آيات القرآن ذوات أسباب في نزولها، وقَصْرُ أحكامها في دائرة أسبابها بلا دليل تعطيل للتشريع، فما هو حظ المؤمنين
منها؟
وهذا ظاهر بحمد الله، ويزيده بياناً: أن قاعدة توجيه الخطاب في الشريعة، هي أن خطاب الواحد يعم حكمه جميع الأمة؛ للاستواء في أحكام
اسم الکتاب : حراسة الفضيلة المؤلف : بكر أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 35