بالتقوى يا عباد الله ينال العبد ولاية الله؛ فإن ولاية الله لا تنال إلا بطاعته، لا ينالها إلا المتقون الذين اتقوه في السر والعلانية، يقول الله -عز وجل-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [1] {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [2] .
بالتقوى يا عباد الله تحصل المحبة الدائمة الصادقة التي لا انفصام لعراها، يقول الله -عز وجل-: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [3] .
[تنوع مفهوم السعادة لدى الناس]
أمة الإسلام، ما من فرد من الناس إلا وهو يتمنى أن يكون سعيدا في حياته، فغاية أمنيته أن يحقق لنفسه السعادة في هذه الدنيا، هذه غاية كل فرد من الناس، ولكن كيف ينال الإنسان هذه السعادة؟ إن ذلك مما تنوعت مفاهيم الناس فيه، فمن عباد الله من يعد سعادته في الدنيا أن يكون ذا مال كثير، وأن ينال من حطام هذه الدنيا ما يريد، فإذا توفر له ذلك عد نفسه سعيدا، فهو متعب قلبه وبدنه في البحث عن هذه الدنيا، وهو وراءها في كل آن وحين، بأي طريق كان من حلال أو من حرام، المهم الحصول على هذه المادة؛ لأنه يراها غاية سعادته.
ومن عباد الله من يرى سعادته في الدنيا أن يعطي نفسه مناها، وأن يحقق لها مرادها ويوفر لها متع الحياة، ولو كان في ذلك فساد دينه، فإذا حقق ذلك عد نفسه سعيدا. [1] سورة يونس الآية 63 [2] سورة يونس الآية 64 [3] سورة الزخرف الآية 67