responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 185
نبتدىء بعون الله وتوفيقه وتأييده في هذه المقالة بذكر شفار الأمراض التي تلحق نفس الإنسان وعلاجها ونذكر الأسباب والعلل التي تولدها وتحدث منها فإن حذاق الأطباء لا يقدمون على علاج مرض جسماني إلا بعد أن يعرفوه ويعرفوا السبب والعلة فيه ثم يرومون مقابلته بأضداده من العلاجات ويبتدؤن من الحمية والأدوية اللطيفة إلى أن ينتهوا في بعضها إلى إستعمال الأغذية الكريهة والأدوية البشعة وفي بعضها إلى القطع بالحديد والكي بالنار.
ولما كانت النفس قوة إلهية غير جسمانية وكانت مع ذلك مستعملة لمزاج خاص ومربوطة به رباطا طبيعيا إلهيا لا يفارق أحدهما صاحبه إلا بمشيئة الخالق عز وجل وجب أن نعلم أن أحدهما متعلق بصاحبه متغير بتغيره فيصبح بصحته ويمرض بمرضه ونحن نرى ذلك مشاهدة وعيانا بما يظهر لنا من أفعالها.
وذلك أنا كمانرى المريض من جهة بدنه لا سيما إن كان سبب مرضه أحد الجزئين الشريفين أعني الدماغ والقلب يتغير عقله ويمرض حتى ينكر ذهنه وفكره وتخيله وسائر قوى نفسه الشريفة ويحس هو من نفسه بذلك. كذلك أيضا، نرى المريض من جهة نفسه إما بالغضب وإما بالحزن وإما بالعشق وإما بالشهوات الهائجة به تتغير صورة بدنه حتى يضطرب ويرتعد ويصفر ويحمر ويهزل ويسمن ويلحقه ضروب التغير المشاهدة بالحس. فيجب لذلك أن نتفقد مبدأ الأمراض إذا كان من نفوسنا فإن كان مبدؤها من ذاتها كالفكر في الأشياء الرديئة وإجالة الرأى فيها وكاستشعار الخوف والخوف من الأمور العارضة والمترقبة والشهوات الهائجة قصدنا علاجها بما يخصها.

اسم الکتاب : تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 185
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست