responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين المؤلف : السمرقندي، أبو الليث    الجزء : 1  صفحة : 541
يستقر كل عضو مني، وأرى الكعبة بين حاجبي والمقام بحيال صدري، والله تعالى يعلم ما في قلبي وكأن قدمي على الصراط، والجنة عَنْ يَمِينِي، وَالنَّارَ عَنْ يَسَارِي، وَمَلَكَ الْمَوْتِ خلفي، وأظن أنها آخر صلاتي، ثم أكبر تكبيرة بإخبات، وأقرأ قراءة بالتفكر، وأركع ركوعا بالتواضع، وأسجد سجودا بالتضرع، ثم أجلس على التمام، وأتشهد على الرجاء والخوف، وأسلم على السنة، ثم أسلمها بإخلاص، وأقوم بين الرجاء والخوف، ثم أتعاهد بالصبر.
قَالَ عِصَامٌ: يَا حَاتِمُ كَذَا صَلَاتُكَ؟ قَالَ: هَكَذَا صَلَاتِي.
قَالَ: مُنْذُ كَمْ صَلَاتُكَ عَلَى هَذَا الْوَصْفِ؟ قَالَ: مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، فَبَكَى عِصَامُ وَقَالَ: مَا صَلَّيْتُ صَلَاةً مِنْ صَلَاتِي مِثْلَ هَذَا قَطُّ وَذُكِرَ أَنَّ حَاتِمًا فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ مَرَّةً، فَعَزَّاهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، فَبَكَى وَقَالَ: لَوْ مَاتَ لِي ابْنٌ وَاحِدٌ لَعَزَّانِي نِصْفُ أَهْلِ بَلْخٍ، وَالْآنَ قَدْ فَاتَنِي جَمَاعَةٌ فَمَا عَزَّانِي إِلَّا بَعْضُ أَصْحَابِي، وَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ لِي الْأَبْنَاءُ جَمِيعًا، لَكَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ فَوَاتِ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الصَّلَاةُ بِمَنْزِلَةِ الضِّيَافَةِ، قَدْ هَيَّأَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُوَحِّدِينَ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، كَمَا أَنَّ الضِّيَافَةَ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْأَلْوَانُ مِنَ الطَّعَامِ، وَلِكُلِّ طَعَامٍ لَذَّةٌ، وَلَوْنٌ، فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ فِيهَا أَفْعَالٌ، وَأَذْكَارٌ مُخْتَلِفَةٌ، لِكُلِّ فِعْلٍ ثَوَابٌ، وَتَكْفِيرٌ لِلذُّنُوبِ، وَيُقَالُ: الْمُصَلُّونَ كَثِيرٌ وَمُقِيمُو الصَّلَاةِ قَلِيلٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى وَصَفَ الْمُؤْمِنِينَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ فَقَالَ: {وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ} [الحج: 35] ، وَوَصَفَ الْمُنَافِقِينَ، وَسَمَّاهُمْ مُصَلِّينَ فَقَالَ: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ {4} الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4-5] ، وَفِي الْمُؤْمِنِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ، وَإِقَامَتُهَا إِدَامَتُهَا، وَمُحَافَظَتُهَا لِوَقْتِهَا، وَتَمَامُ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: النَّاسُ فِي حُضُورِ الصَّلَاةِ صِنْفَانِ: خَاصٌّ وَعَامٌّ.
فَأَمَّا الْخَاصُّ فَيَأْتِي فِي الصَّلَاةِ مَعَ الْحُرْمَةِ، وَيَقُومُ بِالْيَقِينِ وَالْهَيْبَةِ، وَيُؤَدِّيهَا بِالتَّعْظِيمِ، وَيَرْجِعُ مَعَ الْخَوْفِ.
وَأَمَّا الْعَامُّ فَيَجِيءُ مَعَ الْغَفْلَةِ، وَيَقُومُ بِالْجَهْلِ، وَيُؤَدِّيهَا مَعَ الْوَسْوَسَةِ، وَيَرْجِعُ مَعَ الْأَمْنِ وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ بِالْفَارِسِيَّةِ: «كناه كترا كنده توَبة ياذ كلدوا ايدست جابغان، وَممَاز حوَق جوَق أزين كوَنه مَازان سرين ذبر ذجوَكاجوَك» .
يَعْنِي إِذَا تَوَضَّأَ مَعَ الْوَسْوَسَةِ بِغَيْرِ تَعْظِيمٍ، وَصَلَّى مَعَ الْوَسْوَسَةِ وَالتَّفْكِيرِ فِي أَشْغَالِ الدُّنْيَا لَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُ.

اسم الکتاب : تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين المؤلف : السمرقندي، أبو الليث    الجزء : 1  صفحة : 541
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست