اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 311
درهمان قالت مَا معي الساعة شيء وأنا قد ترددت إليك مرارا فلم أراك وأنا آتيك به غدا إن شاء اللَّه تعالى فَقَالَ لها خير إن أتيتني بهما ولم تجديني فارمى بهما فِي دجلة فإني إذا جئت أخذتهما فقالت المرأة كيف تأخذ من دجلة فَقَالَ لها خير هَذَا التفتيش فضول منك أفعلي مَا أمرتك به قالت إن شاء اللَّه فمرت المرأة قَالَ أَبُو الْحُسَيْن فجئت من الغد وكان خير غائبا وإذا المرأة قد جاءت ومعها خرقة فيها درهما فلم تجده فرمت بالخرقة فِي دجلة وإذا بسرطان قد تعلقت بالخرقة وغاصت وبعد ساعة جاء خير وفتح باب حانوته وجلس عَلَى الشط يتوضأ وإذا بسرطان قد خرجت من الماء تسعى نحوه والخرقة عَلَى ظهرها فلما قربت من الشيخ أخذها فقلت لَهُ رأيت كذا وكذا فَقَالَ أحب أن لا تبوح به فِي حياتي فأجبته إِلَى ذلك.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: صحة مثل هَذَا تبعد ولو صح لم يخرج هَذَا الفعل من مخالفة الشرع لأن الشرع قد أمر بحفظ المال وهذا إضاعة وفي الصحيح أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عَنْ إضاعة المال ولا تلتفت إِلَى قول من يزعم أن هَذَا كرامة لأن اللَّه عز وجل لا يكرم مخالفا لشرعه أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز نا أَبُو بَكْرِ بْنُ ثابت نا أَبُو نعيم الْحَافِظ سمعت أبا الفرج الورياني سمعت عَلِيّ بْن عَبْدِ الرحيم يَقُول دخلت عَلَى النوري ذات يوم فرأيت رجليه منتفختين فسألته عَنْ أمره فَقَالَ طالبتني نفسي بأكل الثمر فجعلت أدافعها فتأبى علي فخرجت فاشتريت فلما أن أكلت قلت لها قومي فصلي فأبت علي فقلت لله علي إن قعدت إِلَى الأَرْض أربعين يوما إلا فِي التشهد فما قعدت قلت من سمع هَذَا من الجهال يَقُول مَا أحسن هذه المجاهدة ولا يدري أن هَذَا الفعل لا يحل لأنه حمل عَلَى النفس مَا لا يجوز ومنعها حقها من الراحة وقد حكى أَبُو حامد الغزالي فِي كتاب الأحياء قَالَ كان بعض الشيوخ فِي بداية إرادته يكسل عَنْ القيام فألزم نفسه القيام عَلَى رأسه طول الليل لتسمح نفسه بالقيام عَنْ طوع قَالَ وعالج بعضهم حب المال بأنه باع جميع ماله ورماه فِي البحر إذا خاف من تفرقته عَلَى الناس رعونة الجود ورياء البذل قَالَ وكان بعضهم يستأجر من يشتمه عَلَى ملأ من الناس ليعود نفسه الحلم قَالَ وكان آخر يركب البحر فِي الشتاء عند اضطراب الموج ليصير شجاعا.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: أعجب من جميع هؤلاء عندي أَبُو حامد كيف حكى هذه الأشياء ولم ينكرها وَكَيْفَ ينكرها وَقَدْ أتى بِهَا فِي معرض التعليم وقال قبل أن يورد هذه الحكايات ينبغي للشيخ أن ينظر إلى حالة المبتدىء فَإِن رأى معه مالا فاضلا عَنْ قدر حاجته أخذه وصرفه فِي
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 311