اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 282
هَذَا الفقه الدقيق أحسن من ذكره ومن مذهبهم عمل دعوة للقادم قَالَ ابْن طاهر باب اتخاذهم العتيرة[1] للقادم واحتج بحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سافر سفرا فنذرت جارية من قريش إن اللَّه تعالى رده أن تضرب فِي بيت عائشة رضي اللَّه عنها بدف فلما رجع فَقَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن كنت نذرت فأضربي".
قَالَ المصنف رحمه اللَّه قد بينا أن الدف مباح ولما نذرت هذه المرأة مباحا أمرها أن تفي فكيف يحتج بهذا عَلَى الغناء والرقص عند قدوم المسافر. [1] العتيرة بوزن الذبيحة وكانت الجاهلية تذبح للأصنام فيصب دمها على رأسها نهى الشرع عن ذلك ففيه تشبيه بالمشركين أيضا.
ذكر تلبيس إبليس عَلَى الصوفية إذا مات لهم ميت.
له فِي ذلك تلبيسان الأَوَّل أنهم يقولون لا يبكي عَلَى هالك ومن بكى عَلَى هالك خرج عَنْ طريق أهل المعارف قَالَ ابْن عقيل وهذه دعوى تزيد عَلَى الشرع فهي حديث خرافة وتخرج عَنِ العادات والطباع فهي انحراف عَنِ المزاج المعتدل فينبغي أن يطالب لها بالعلاج بالأدوية المعدلة للمزاج فَإِن اللَّه تعالى أخبر عَنْ نبي كريم فَقَالَ: {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} وقال: {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} وبكى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند موت ولده وقال: "إن العين لتدمع" وقال: "واكرباه" وقالت فاطمة رضي اللَّه عنها وأكرب أبتاه فلم ينكر وسمع عُمَر بْن الخطاب رضي اللَّه عنه متمما يندب أخاه ويقول:
وكنا كندماني جزيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فقال عُمَر رضي اللَّه عنه ليتني كنت أقول الشعر فأندب أخي زيدا فَقَالَ متمم لو مات أخي كَمَا مات أخوك مَا رثيته وكان مالك مات عَلَى الكفر وزيد قتل شهيدا فَقَالَ عُمَر مَا عزائي أحد فِي أخي كمثل تعزيتك ثم لا تزال الإبل الغليظة الأكباد تحن إِلَى مآلفها من الأعطان والأشخاص وترغو للفصلان وحمام الطير ترجع وكل مأخوذ من البلاء فلا بد أن يتضرع ومن لم تحركه المسار والمطربات وتزعجه المخزيات فهو إِلَى الجماد به أقرب وقد أبان النبي عَلَيْهِ الصلاة السلام عَنِ العيب فِي الخروج عَنْ سمت الطبع فَقَالَ للذي قَالَ لم أقبل أحدا من ولدي وكان لَهُ عشرة من الولد فَقَالَ أَوْ أملك لك أن نزع اللَّه الرحمة من قلبك وجعل يلتفت
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 282