responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 263
ذكر تلبيس إبليس عَلَى الصوفية فِي ترك طلب الأولاد.
أَخْبَرَنَا المحمدان ابْن ناصر وابن عَبْد الباقي قالا نا حمد بْن أَحْمَدَ نا أَبُو نعيم أَحْمَد بْن عَبْدِ اللَّهِ ثنا إِسْحَاق بْن أحمد ثنا إبراهيم بْن يوسف ثنا أحمد بْن أبي الحواري قَالَ سمعت أبا سُلَيْمَان الداراني يَقُول الذي يريد الولد أحمق لا للدنيا ولا للآخرة إن أراد أن يأكل أَوْ ينام أَوْ يجامع نغص عَلَيْهِ وإن أراد أن يتعبد شغله.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه قلت: وهذا غلط عظيم وبيانه أنه لما كان مراد اللَّه تعالى من إيجاد الدنيا اتصال دوامها إِلَى أن ينقضي أجلها وكان الآدمي غير ممتد البقاء فيها إلا إِلَى أمد يسير أخلف اللَّه تعالى مِنْهُ مثله فحثه عَلَى سببه فِي ذلك تارة من حيث الطبع بإيقاد نار الشهوة وتارة من باب الشرع بقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ} وقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تناكحوا تناسلوا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط" وقد طلب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الأولاد فَقَالَ تعالى حكاية عنهم: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} إِلَى غير ذلك من الآيات وتسبب الصالحون إِلَى وجودهم ورب جماع حدث مِنْهُ ولد مثل الشافعي واحمد بْن حنبل فكان خيرا من عبادة ألف سنة وَقَدْ جاءت الأخبار بإثابة المباضعة والإنفاق عَلَى الأولاد والعيال ومن يموت لَهُ ولد ومن يخلف ولدا بعده فمن أعرض عَنْ طلب الأولاد والتزوج فقد خالف المسنون والأفضل وحرم

سريعا النوع الثاني الفرار إِلَى المتروك فَإِن منهم خلقا كثيرا صابروا عَلَى ترك الجماع فاجتمع الماء فأقلقوا جعوا فلامسوا النساء ولابسوا من الدنيا أضعاف مَا فروا مِنْهُ فكانوا كمن أطال الجوع ثم أكل مَا ترك فِي زمن الصبر النوع الثالث الانحراف إِلَى صحبة الصبيان فَإِن قوما منهم أيسوا أنفسهم من النكاح فأقلقهم مَا اجتمع عندهم فصاروا يرتاحون إِلَى صحبة المرد.
فصل وقد لبس عَلَى قوم منهم تزوجوا وقالوا أنا لا ننكح شهوة فَإِن أرادوا أن الأغلب فِي طلب النكاح إرادة السنة جاز وإن زعموا انه لا شهوة لهم فِي نفس النكاح فمحال ظاهر.
فصل: وقد حمل الجهل أقواما فجبوا أنفسهم وزعموا أنهم فعلوا ذلك حياء من اللَّه تعالى وهذه غاية الحماقة لأن اللَّه تعالى شرف الذكر عَلَى الأنثى بهذه الآلة وخلفها لتكون سببا للتناسل والذي يجب نفسه يَقُول بلسان الحال الصواب ضد هَذَا ثم قطعهم الآلة لا تزيل شهوة النكاح من النفس فما حصل لهم مقصودهم.

اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 263
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست