اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 198
أقبل أَبُو مرحوم عَلَى أصحابه فَقَالَ يا إخواني كيف أصبحت الدنيا قالوا مَشْرِق لونها مبيضة شمسه مجراة فيها أنهارها فَقَالَ يا إخواني اغرسوا فيها أشجارها قَالَ فأتى بذلك الفستق والصنوبر فألقى فيها ثم أقبل أَبُو مرحوم عَلَى أصحابه فَقَالَ يا إخواني كيف أصبحت الدنيا قالوا مَشْرِق لونها مبيض شمسها مجرى فيها أنهارها وَقَدْ غرست فيها أشجارها وَقَدْ تدلت لنا ثمارها قَالَ يا إخواني ارموا الدنيا بحجارتها قَالَ فأتى بذلك السكر فألقى فيها ثم أقبل أَبُو مرحوم عَلَى أصحابه فَقَالَ يا إخواني كيف أصبحت الدنيا قالوا مَشْرِق لونها مبيضة شمسها وَقَدْ أجريت فيها أنهارها وَقَدْ غرست فيها أشجارها وَقَدْ تدلت لنا ثمارها فَقَالَ يا إخواني مَا لنا وللدنيا اضربوا فيها براحتها قَالَ فجعل الرَّجُل يضرب فيها براحته ويدفعه بالخمس قَالَ أَبُو الفضل أَحْمَد بْن سلمة ذكرته لأبي حاتم الرازي فَقَالَ أمله علي فأمليته عَلَيْهِ فَقَالَ هَذَا شأن الصوفية.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: قلت وَقَدْ رأيت منهم من إذا حضر دعوة بالغ فِي الأكل ثم اختار من الطعام فربما ملأ كمية من غير إذن صاحب الدار وذلك حرام بالإجماع ولقد رأيت شيخا منهم قد أخذ شيئا من الطعام ليحمله معه فوثب صاحب الدار فأخذه مِنْهُ.
ذكر تلبيس إبليس عَلَى الصوفية فِي السماع والرقص والوجد
قال المصنف رحمه اللَّه: اعلم أن سماع الغناء يجمع شيئين أحدهما أنه يلهي القلب عَنِ التفكر فِي عظمة اللَّه سبحانه والقيام بخدمته والثاني أنه يميله إِلَى اللذات العاجلة التي تدعو إِلَى استيفائها من جميع الشهوات الحسية ومعظمها النكاح وليس تمام لذته إلا فِي المتجددات ولا سبيل إِلَى كثرة المتجددات من الحل فلذلك يحث عَلَى الزنا فبين الغناء والزنا تناسب من جهة أن الغناء لذة الروح والزنا أكبر لذات النفس ولهذا جاء فِي الحديث الغناء رقية الزنا وَقَدْ ذكر أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ أن الذي أتخذ الملاهي رجل من ولد قابيل يقال لَهُ ثوبال اتخذ فِي زمان مهلائيل بْن قينان آلات اللهو من المزامير والطبول والعيدان فانهمك ولد قابيل فِي اللهو وتناهى خبرهم إِلَى من بالجبل من نسل شيث فنزل منهم قوم وفشت الفاحشة وشرب الخمور.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه وهذا لأن الالتذاذ بشيء يدعو إِلَى التذاذه بغيره خصوصا مَا يناسبه ولما يئس إبليس أن يسمع من المتعبدين شيئا من الأصوات المحرمة كالعود نظر إِلَى المغنى الحاصل بالعود فدرجه فِي ضمن الغناء بغير العود وحسنه لهم وإنما مراده التدريج من شيء إِلَى شيء والفقيه
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 198