responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 168
هذه المرقعات أشهى عند خلق كثير من الديباج وبها يشتهر صاحبها أنه من الزهاد افتراهم يصيرون بصورة الرقاع كالسلف كذا قد ظنوا وإن إبليس قد لبس عليهم وقال أنتم صوفية لأن الصوفية كانوا يلبسون المرقعات وأنتم كذلك أتراهم مَا علموا أن التصوف معنى لا صورة وهؤلاء قد فاتهم التشبيه فِي الصورة والمعنى أما الصورة فإن القدماء كانوا يرقعون ضرورة ولا يقصدون التحسن بالمرقع ولا يأخذون أثوابا جددا مختلفة الألوان فيقطعون من كل ثوب قطعة ويلفقونها عَلَى أحسن التوقيع ويخيطونها ويسمونها مرقعة وأما عُمَر رَضِيَ اللَّهُ لما قدم بيت المقدس حين سأل القسيسون والرهبان عَنْ أمير المسلمين فعرضوا عليهم أمراء العساكر مثل أبي عبيدة وخالد بْن الوليد وغيرهما فقالوا ليس هَذَا المصور عندنا ألكم أمير أولا فقالوا لنا أمير غير هؤلاء فقالوا هو أمير هؤلاء قالوا نعم هو عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عنه فقالوا أرسلوا إليه ننظره فإن كان هو سلمنا إليكم من غير قتال وإن لم يكن هو فلا فلو حاصرتمونا مَا تقدرون علينا فأرسل المسلمين إِلَى عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عنه وأعلموه بذلك فقدم عليهم وعليه ثوب مرقع سبع عشرة رقعة بينها رقعة من أديم فلما رأوه الروحانية والقسوس عَلَى هذه الصفة سلموا بيت المقدس إليه من غير قتال فأين هَذَا مما يفعله جهال الصوفية فِي زماننا فنسأل اللَّه العفو والعافية وأما المعنى فإن أولئك كانوا أصحاب رياضة وزهد.
فصل: قال المصنف: ومن هؤلاء المذمومين من يلبس الصوف تحت الثياب ويلوح بكمه حتى يرى لباسه وهذا لص ليلي ومنهم من يلبس الثياب اللينة عَلَى جسده ثم يلبس الصوف فوقها وهذا لص نهاري مكشوف وجاء آخرون فأرادوا التشبه بالصوفية وصعب عليهم البذاذة وأحبوا التنعم ولم يروا الخروج من صورة التصوف لئلا يتعطل المعاش فلبسوا الفوط الرفيعة واعتموا بالرومي الرفيع إلا أنه بغير طراز فالقميص والعمامة عَلَى أحدهم بثمن خمسة أثواب من الحرير.
وقد لبس إبليس عليهم أنكم صوفية بنفيس النفس وإنما أرادوا أن يجمعوا بين رسوم التصوف وتنعم أهل الدنيا ومن علاماتهم مصادفة الأمراء ومفارقة الفقراء كبرا وتعظيما وَقَدْ كان عِيسَى بْن مريم صلوات اللَّه وسلامه عَلَيْهِ يَقُول يا بني إسرائيل مَا لكم تأتونني وعليكم ثياب الرهبان ولوبكم قلوب الذئاب الضواري البسوا لباس الملوك وألينوا قلوبكم بالخشية.
وأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أبي القاسم قَالَ أَخْبَرَنَا حمد بْن أَحْمَدَ الحداد قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم

اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 168
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست