responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 166
الشرع والعقل فأما متأخروهم فقد مالوا إِلَى الدنيا وجمع المال من أي وجه كان إيثارا للراحة وحبا للشهوات فمنهم من يقدر عَلَى الكسب ولا يعمل ويجلس فِي الرباط أَوِ المسجد ويعتمد عَلَى صدقات الناس وقلبه معلق بطرق الباب ومعلوم أن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة[1] سوى ولا يبالون من بعث إليهم فربما بعث الظالم والماكس فلم يردوه وَقَدْ وضعوا فِي ذلك بينهم كلمات منها تسمية ذلك بالفتوح ومنها أن رزقنا لا بد أن يصل إلينا ومنها أنه من اللَّه فلا يرد عَلَيْهِ ولا نشكر سواه وهذا كله خلاف الشريعة وجهل بِهَا وعكس مَا كان السلف الصالح عَلَيْهِ فإن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عنه من أكل الشبهة وكان الصالحون لا يقبلون عطاء ظالم ولا ممن فِي ماله شبهة وكثير من السلف لم يقبل صلة الإخوان عفافا وتنزها وعن أبي بَكْر المرزوي قَالَ ذكرت لأبي عَبْد اللَّهِ رجلا من المحدثين فَقَالَ رحمه اللَّه أي رجل كان لولا خلة واحدة ثم سكت ثم قَالَ ليس كل الخلال يكملها الرَّجُل فقلت لَهُ أليس كان صاحب سنة فَقَالَ لعمري لقد كتبت عنه وله خلة واحدة كان لا يبالي ممن أخذ.
قَالَ المصنف: ولقد بلغنا أن بعض الصوفية دخل عَلَى بعض الأمراء الظلمة فوعظه فأعطاه شيئا فقبله فَقَالَ الأمير كلنا صيادون وإنما الشباك تختلف ثم أين هؤلاء من الأنفة من الميل للدنيا فان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اليد العليا خير من اليد السفلى" واليد العليا هي المعطية هكذا فسره العلماء وَهُوَ الحقيقة وَقَدْ تأوله بعض القوم فَقَالَ العليا هي الآخذة قَالَ ابْن قتيبة ولا أرى هَذَا إلا تأويل قوم استطابوا السؤال.
فصل: قال المصنف: ولقد كان أوائل الصوفية ينظرون فِي حصول الأموال من أي وجه ويفتشون عَنْ مطاعمهم وسئل أحمد بْن حنبل عَنْ السرى السقطى فَقَالَ الشيخ المعروف بطيب المطعم وقال السري صحبت جماعة إِلَى الغزو فاكترينا دارا فنصبت فيها تنورا فتورعوا أن يأكلوا من خبز ذلك التنور فأما من يرى مَا قد تجدد من صوفية زماننا من كونهم لا يبالون من أين أخذوا فإنه يعجب ولقد دخلت بعض الأربطة فسألت عَنْ شيخه فَقِيلَ لي قد مضى إِلَى الأمير فلان

[1] المرة بكسر الميم القوة.
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 166
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست