اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 126
يد وان كان من الأكابر فان الشرع هو المنكر لا نحن وَقَدْ قيل لأحمد بْن حنبل رحمة اللَّه عَلَيْهِ أن ابْن الْمُبَارَك يَقُول كذا وكذا فَقَالَ إن ابْن الْمُبَارَك لم ينزل من السماء وقيل لَهُ قَالَ إبراهيم بْن أدهم فَقَالَ: جئتموني ببنيات الطريق عليكم بالأصل فلا ينبغي أن يترك الشرع لقول معظم فِي النفس فان الشرع أعظم والخطأ فِي التأويل عَلَى الناس يجري ومن الجائز أن تكون الأحاديث لم تبلغه.
فصل: وقد لبس إبليس عَلَى بعض المصلين فِي مخارج الحروف فتراه يَقُول الحمد الحمد فيخرج بإعادة الكلمة عَنْ قانون أدب الصلاة وتارة يلبس عَلَيْهِ فِي تحقيق التشديد وتارة فِي إخراج ضاد المغضوب ولقد رأيت من يَقُول المغضوب فيخرج بصاقة مَعَ إخراج الضاد لقوة تشديده وإنما المراد تحقيق الحرف فحسب وإبليس يخرج هؤلاء بالزيادة عن حد التحقيق ويشغلهم بالمبالغة في الحروف عَنْ فهم التلاوة وكل هذه الوساوس من إبليس وعن سَعِيد بْن عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبي العمياء أن سَهْل بْن أبي أمامة حدثه أنه دخل هو وأبوه عَلَى أنس بْن مالك رَضِيَ اللَّهُ عنه وَهُوَ يصلي صلاة خفيفة كأنها صلاة مسافر فلما سلم قَالَ يرحمك اللَّه أرأيت هذه الصلاة المكتوبة كصلاة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم شيء تنفلته قَالَ إنها لصلاة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أخطأت إلا شيئا سهوت عنه أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يَقُول: "لا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدِّدَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدُّيُورَاتِ {ًَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} " وفي أفراد مسلم من حديث عثمان بْن أبي العاص قَالَ قلت لرسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّيْطَان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذاك الشَّيْطَان يقال لَهُ خنزب فَإِذَا أحسسته فتعوذ بالله مِنْهُ ثلاثا واتفل عَنْ يسارك" ففعلت ذلك فأذهبه اللَّه عني.
فصل: وقد لبس إبليس عَلَى خلق كثير من الجهالة المتعبدين فرأوا أن العبادة هي القيام والقعود فحسب وهم يدأبون فِي ذلك ويخلون فِي بعض واجباتهم ولا يعلمون وَقَدْ تأملت جماعة يسلمون إذا سلم الإمام وَقَدْ بقي عليهم من التشهد الواجب شيء وذلك لا يحمله الإمام عنهم ولبس عَلَى آخرين منهم فهم يطيلون الصلاة ويكثرون القراءة ويتركون المسنون فِي الصلاة ويرتكبون المكروه فيها وَقَدْ دخلت عَلَى بعض المتعبدين وَهُوَ يتنفل بالنهار ويجهر بالقراءة فقلت لَهُ إن الجهر بالقراءة بالنهار مكروه فَقَالَ لي أنا أطرد النوم عني بالجهر فقلت لَهُ إن السنن لا تترك
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 126