responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 103
وقد أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن أحمد المتوكلي نا أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن ثابت نا أَبُو الْحَسَنِ ابْن زرقويه نا إسماعيل الصفار ثنا زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى ثنا معروف الكرخي قَالَ قَالَ بَكْر بْن حبيش إن فِي جهنم لواديا تتعوذ جهنم من ذلك الوادي كل يوم سبع مرات وإن فِي الوادي لجبا يتعوذ الوادي وجهنم من ذلك الجب كل يوم سبع مرات وإن فِي الجب لحية يتعوذ الجب والوادي وجهنم من تلك الحية كل يوم سبع مرات يبدأ بفسقة حملة القرآن فيقولون أي رب يبدأ بنا قبل عبدة الأوثان فَقِيلَ لهم ليس من يعلم كمن لا يعلم قَالَ المصنف فلنقتصر عَلَى هَذَا الأنموذج فيما يتعلق بالقراء.

ذكر تلبيس إبليس عَلَى أصحاب الحديث
من ذلك أن قوما استغرقوا أعمارهم فِي سماع الحديث والرحلة فيه وجمع الطرق الكثيرة وطلب الأسانيد العالية والمتون الغريبة وهؤلاء عَلَى قسمين قسم قصدوا حفظ الشرع بمعرفة صَحِيح الحديث من سقيمه وهم مشكورون عَلَى هَذَا القصد إلا أن إبليس يلبس عليهم بأن يشغلهم بهذا عما هو فرض عين من معرفة مَا يجب عليهم والاجتهاد فِي أداء اللازم والتفقه فِي الحديث فَإِن قَالَ قائل فقد فعل هَذَا خلق كثير من السلف كيحيى بْن معين وابن الْمَدِينِيّ والبخاري ومسلم فالجواب أن أولئك جمعوا بين معرفة المهم من أمور الدين والفقه فيه وبين مَا طلبوا من الحديث وأعانهم عَلَى ذلك قصر الإسناد وقلة الحديث فاتسع زمانهم للأمرين فأما فِي هَذَا الزمان فَإِن طرق الحديث طالت والتصانيف فيه اتسعت وما فِي هَذَا الْكِتَاب فِي تلك الكتب وإنما الطرق تختلف فقل أن يمكن أحدا أن يجمع بين الأمرين فترى المحدث يكتب ويسمع خمسين سنة ويجمع الكتب ولا يدري مَا فيها ولو وقعت لَهُ حادثة فِي صلاته لافتقر إِلَى بعض أحداث المتفقهة الذين يترددون إليه لسماع الحديث مِنْهُ وبهؤلاء تمكن الطاعنون عَلَى المحدثين فقالوا زوامل أسفار لا يدرون مَا معهم فان أفلح أحدهم ونظر فِي حديثه فربما عمل بحديث منسوخ وربما فهم من الحديث مَا يفهم العامي الجاهل وعمل بذلك وليس بالمراد من الحديث كَمَا روينا أن بعض المحدثين روي عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نهى أن يسقى الرَّجُل ماءه زرع غيره فَقَالَ جماعة ممن حضر قد كنا إذا فضل عنا ماء فِي بساتيننا سرحناه إِلَى جيراننا ونحن نستغفر اللَّه فما فهم القارىء ولا السامع ولا شعروا أن المراد وطء الحبالى من السبايا
قال الخطابي وكان بعض مشايخنا يروي الحديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عَن الحلق قبل الصلاة يوم الجمعة بإسكان اللام قَالَ

ذكر تلبيس إبليس عَلَى الفقهاء
قال المصنف: كان الفقهاء فِي قديم الزمان هم أهل القرآن والحديث فما زال الأمر يتناقص حتى قَالَ المتأخرون يكفينا أن نعرف آيات الأحكام من القرآن وأن نعتمد عَلَى الكتب المشهورة فِي الحديث كسنن أبي داود ونحوها ثم استهانوا بهذا الأمر أيضا وصار أحدهم يحتج بآية لا يعرف معناها وبحديث لا يدري أصحيح هو أم لا وربما اعتمد عَلَى قياس يعارضه حديث صَحِيح ولا يعلم لقلة التفاته إِلَى معرفة النقل وإنما الفقه استخراج من الْكِتَاب والسنة فكيف يستخرج من شيء لا يعرفه ومن القبيح تعليق حكم عَلَى حديث لا يدري أصحيح هو أم لا ولقد كانت معرفة هَذَا تصعب ويحتاج الإنسان إِلَى السفر الطويل والتعب الكثير حتى تعرف ذلك فصنفت الكتب وتقررت السنن وعرف الصحيح من السقيم ولكن غلب عَلَى المتأخرين الكسل بالمرة عَنْ أن يطالعوا علم الحديث حتى إني رأيت بعض الأكابر من الفقهاء يَقُول فِي تصنيفه عَنْ ألفاظ فِي الصحاح لا يجوز أن يكون رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا ورأيته يحتج فِي مسألة فيقول دليلنا مَا روى بعضهم أن رَسُول اللَّهِ قَالَ كذا ويجعل الجواب عَنْ حديث صَحِيح قد احتج به خصمه أن يَقُول هَذَا الحديث لا يعرف وهذا كله جناية عَلَى الإسلام.

ومن تلبيس إبليس عَلَى الفقهاء.
أن جل اعتمادهم عَلَى تحصيل علم الجدل يطلبون بزعمهم تصحيح الدليل عَلَى الحكم والاستنباط لدقائق الشرع وعلل المذاهب ولو صحت هذه الدعوى منهم لتشاغلوا بجميع المسائل وإنما يتشاغلون بالمسائل الكبار ليتسع فيها الكلام فيتقدم المناظر بذلك عند الناس فِي خصام النظر فهم أحدهم بترتيب المجادلة والتفتيش عَلَى المناقضات طلبا للمفاخرات والمباهاة وربما لم يعرف الحكم فِي مسألة صغيرة تعم بِهَا البلوى.

اسم الکتاب : تلبيس إبليس المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست