اسم الکتاب : بهجة المجالس وأنس المجالس المؤلف : ابن عبد البر الجزء : 1 صفحة : 166
كان عبد الله بن العباس صديقاً لعمر بن عبد الرحمن بن عوف فليقه يوماً مغتاظاً. فقال له: مالك؟ قال: لقيني فلان - لرجل من أهله - فشتمني وآذاني.
فقال له: هوّن عليك فما من ضارٍ على طريدةٍ بأسرع إليها من ابن عم دنٍّي إلىابن عمسرىّ، فهوّن عليك.
من شعر طرفة، ويروي في شعر عدي بن زيد:
وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضةً ... على المرء من وقع الحسام المهنّد
وقال أبو فراس الحمداني:
وهل أنا مسرور بقرب أقاربي ... إذا كان لي منهم قلوب الأباعد
قال العتابي: عشيرتك من أحسن عشرتك، وابن عمك من عمك خيره،وقرابتك من قرب منك نفعه، وأحب الناس إليك أخفّهم ثقلا عليك.
وقال:
إني بلوت الناس في أحوالهم ... وخبرت ما وصفوا من الأسباب
فإذا القرابة لا تقرب قاطعاً ... وإذا المودة أقرب الأنساب
وقال آخر:
كم من أخ لك لم يلده أبوكا ... وأخٍ أبوه أبوك قد يجفوكا
وهذا مأخوذ والله أعلم من قول أكثم بن صيفي: رب أخ لم تجمعه معك ولادة.
قال آخر:
قومي هم قتلوا أميم أخي ... فإذا رميت أصابني سهمي
فلئن عفوت لأعفون جللاً ... ولئن سطوت لأوهنن عظمي
وقال أبو الأسود الدؤلي:
إذا المرء ذو القربى وذو الود أجحفت ... به سنةٌ حلت مصيبته حقدي
قال آخر:
سآخذ منكم آل حزن لحوشبٍ ... وإن كان مولائي وكنتمبني أبي
فإن كنت لا أرمى وترمى عشيرتي ... نصب جائحات النبل كشجى ومنكبي
وقال آخر:
فلم أر عز المرء إلا عشيرة ... ولم أر ذلاَّ مثل نأيٍ عن الأهل
وقال آخر:
أخاف كلاب الأبعدين ونبحها ... إذا لم تجاوبها كلاب الأقارب
وقال المقنع الكندي، واسمه محمد بن عمير بن أبي شمر الكندي، وكان من أجمل أهل زمانه وأحسنهم وجها،وأتمهم قامة، فكان إذا كشف وجهه يؤذى،فكان يتقنع دهره، فسمي لذلك: المقنع. وشعره هذا من أحسن ما قيل في معناه جزالة ونقاوة وسباطة وحلاوة:
يعاتني في الدين قومي وإنما ... ديوني في أشياء تكسبهم حمدا
أسد به ما قد أخلوا وضيعوا ... حقوق ثغورٍ ما أطاقوا لها سداّ
ولي جفنةٌ لا يغلق الباب دونها ... مكللةٌ لحماً مدفقةٌ ثردا
ولي فرسٌ نهدٌ عتيقٌ جعلته ... حجاباً لبيتي ثم أحدمته عبدا
وإن الذي بيني وبين بني أبي ... وبين بني عمي لمختلفٌ جداً
إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم ... وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجداً
وإن ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم ... وإن هم هووا غيَّي هويت لهم رشداً
وليسوا إلى نصري سراعاً وإن هم ... دعوني إلى نصرٍ أتيتهم شدا
وإن زجروا طيري بنحس يمر بي ... زجرت لهم طيراً يمر بهم سعدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهم ... وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
لهم جل مالي أن تتابع لي غنى ... وإن قلت مالي لم أكلفهم رفدا
وإني لعبد الضيف مادام نازلا ... وما شيمةٌ لي غيرها تشبه العبدا
وقال طرفة:
وأعلم علماً ليس بالظن أنه ... إذا ذل مولى المرء فهو ذليل
وقال عوف التميمي:
ولست لقومي بعيابةٍ ... وشر العشيرة من عابها
أعف وابذل مالي لها ... ولا أتعلم ألقابها
وقال أبو الطمحان القيني:
إذا كان في صدر ابن عمك إحنةٌ ... فلا تستثرها سوف يبدو دفينها
قال آخر:
أخاك أخاك إن من لا أخا له ... كساع إلى الهيجا بغير سلاح
وان ابن عم المرء فاعلم جناحه ... وهل ينهض البازي بغير جناح
قال الثقفي:
من كان ذا عضد يدركظلامته ... إن الذليل الذي ليست له عضد
تنبو يداه إذا ما قلَّ ناصره ... ويأنف الضيم إن أثرى له عدد
وقال أشجع السلمى:
نسيبك من أمسى يناجيك طرفه ... وليس لمن تحت التراب نسيب
اسم الکتاب : بهجة المجالس وأنس المجالس المؤلف : ابن عبد البر الجزء : 1 صفحة : 166