اسم الکتاب : بهجة المجالس وأنس المجالس المؤلف : ابن عبد البر الجزء : 1 صفحة : 150
وقال المتلمّس:
أحارث أنا لو تشاط دماؤنا ... تزايلن حتى لا يمسّ دمٌ دما
وقال آخر:
إذا كنت مما لا ترى نافعاً ... صديق ولا بالعدوّ تضرّ
فسيان إن متّ أو إن حييت ... فلا ذا يسوء ولا ذا يسرّ
لأبي عيينة المهلب، أو علي بن جبلة:
ولما رأيتك لا فاجراً ... قوياً ولا أنت بالزاهد
وليس عدوّك بالمتقي ... وليس صديقك بالحامد
دخلت بك السّوق سوق الرقيق ... وناديت هل فيك من زائد؟
فما جائني رجلٌ واحدٌ ... يزيد على درهم واحد
سوى رجل حان منه الشقا ... ء وحلت به دعوة الوالد
محاط به معه درهمٌ ... ردئ فأقبل كالراصد
فبعتك منه بلا شاهدٍ ... مخافة ردّك بالشاهد
وأبت إلى منزلي غانماً ... وحلّ البلاء على الناقد
وقال آخر:
سأصبر من صديقي إن جفاني ... على كلّ الأذى إلاّ الهوانا
قال العطوى:
إذا ما الحرّ فاز بحسن حالٍ ... أجاز صديقه من سوء حال
إذا أثرى رأى حقّا عليه ... له الإفضال من قبل السؤال
لعمرك ما رأيت فتى كريماً ... يحب المال إلا للنوال
أبا حسن ثكلت الحزم فيما ... أحاول من مقالي أو فعالى
لقد كذبت ظنوني فيك أن لم ... أتب من حسن ظنّي بالرجال
وقال آخر:
إذا ما المرء كان له صديقٌ ... فبرّ صديقه فرضٌ عليه
فإن عنه الصّديق أقام يوماً ... فوجه البرّ أن يسعى إليه
وإن كان الصديق قليل مالٍ ... يضيق بذرعه ما في يديه
فمن أسنى فعال المرء ألا ... يضنّ على الصديق بما لديه
وقال آخر:
ما ضاقت النفس على شهوةٍ ... ألذّ من ودّ صديق أمين
من فاته ودّ أخ صالح ... فذلك المغبون حق اليقين
عبد الله طاهر،ويروى لعلى بن الجهم،وهي له لا غيره،حدثنا عبد الوارث،حدثنا قاسم بن أصبغ،حدثنا أبو عيسى الأعمى الخباز ببغداد،قال:أخبرني يحيى بن المعلم،قال:مررت بعليّ بن الجهم،وقد أذّن لصلاة الظهر،وقد دخل المسجد يريد أن يركع،فسلمت عليه وقلت له:لا يمكنني أن أقيم حتى تصلى لأني مبادر،قال:فيم ذا؟ فقلت:أبيع قميصي هذا وأكافئ به صديقا له قبلى يدٌ.
قال:فلم أمش إلاّ قليلا حتى ردني،فقال لي:اكتب وأنشدني:
أميل مع الصديق على ابن أميّ ... وأحمل للصّديق على الشقيق
وإن ألفيتني ملكاً مطاعاً ... فإنّك واجدي عبد الصديق
أفرّق بين معروفي ومنّي ... وأجمع بين مالي والحقوق
قالوا:أحذر من وترته وإن أحسنت إليه،ومن أوحشته فلا تثق به.
قال الشاعر:
إذا وترت امرءا فاحذر عداوته ... من يزرع الشّوك لا يحصد به عبنا
إن العدوّ وإن أبدي بشاشته ... إذا رأى منك يوماً فرصةً وثبا
وقد تقدم في باب التودد إلى الناس أبياتٌ تصلح في هذا الباب،فلم أروجهاً لتكرارها.
بابٌ جامعٌ متخيّرٌ في الإخوان
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المرء على دين خليله،فلينظر امرؤٌ من يخالل ".
قال الأوزاعىّ: الصاحب للصاحب كالرقعة للثوب،إن لم تكن مثله شانته.
قال الشاعر:
وما صاحب الإنسان إلا كرقعةٍ ... على ثوبه فليتخذه مشاكلا
وقال صلى الله عليه وسلم: " لا خير في صحبة من لا يرى لك كالذي يرى لنفسه ".
وفي الخبر المرفوع أيضا " شيئان لا يزدادان إلاّ قلة:درهمٌ حلال،وأخٌ في الله تسكن إليه " وقد روى مرفوعاً: " المرء كثيرٌ بأخيه ".
قال علىّ بن أبي طالب،رضي الله عنه:لا خير في صحبة من تجتمع فيه هذه الخلال:من إذا حدّثك كذبك، وإذا ائتمنته خانك،وإذا ائتمنك اتهمك،وإذا أنمت عليه كفرك،وإذا أنعم عليك منّ عليك.
اسم الکتاب : بهجة المجالس وأنس المجالس المؤلف : ابن عبد البر الجزء : 1 صفحة : 150