اسم الکتاب : بستان الواعظين ورياض السامعين المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 56
89 - القنطرة الأولى
والصراط أحد من السَّيْف فَيَقُول الله تبَارك وَتَعَالَى حِين يبلغون القنطرة الأولى وقفوهم إِنَّهُم مسؤولون مَا لكم لَا تناصرون فيحبسون فيحاسبون على الصَّلَاة فَمن وجدت صلَاته تَامَّة نجا من تِلْكَ القنطرة وَمن لم تُوجد لَهُ صَلَاة تَامَّة هوى فِي النَّار فينجو من نجا وَيهْلك من هلك
90 - القنطرة الثَّانِيَة
ثمَّ يحبسون على القنطرة الثَّانِيَة فيحاسبون على الْأَمَانَة وَهِي أَمَانَة الْخَالِق وَأَمَانَة الْخلق وَإِذا أَرَادَ بِعَبْدِهِ خيرا جعل الْغنى فِي قلبه وَجعله أَمينا لله وأعانه على أَدَاء الْأَمَانَات الَّتِي افْترض عَلَيْهِ جلّ جَلَاله من الْوضُوء والاغتسال وَالصَّلَاة وَالصِّيَام وَالزَّكَاة وَإِعْطَاء كل ذِي حق حَقه وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَالْحِفْظ لحدود الله فَذَلِك العَبْد الَّذِي ألهمه الله تَعَالَى رشده وبصره عُيُوب نَفسه وَجعل غناهُ فِي قلبه
تأدية الْأَمَانَة وتضييعها وَإِذا أَرَادَ بِعَبْدِهِ شرا جعل فقره بَين عَيْنَيْهِ وَفِي قلبه وكسله عَن إداء الْأَمَانَات من المفترض الَّذِي افْترض عَلَيْهِ وعَلى جَمِيع عباده وغيب عَنهُ رشده وسلط عَلَيْهِ الشَّيْطَان فزين لَهُ سوء عمله وحبب إِلَيْهِ عيوبه
فَإِذا كَانَ العَبْد كَذَلِك فَلَا يُبَالِي عَمَّا قَالَ وَلَا عَمَّا قيل فِيهِ وَلَا يكون همه إِلَّا فِي دُنْيَاهُ وإصلاحها وَلَا يُبَالِي بتلاف دينه فَذَلِك العَبْد الَّذِي قد سخط عَلَيْهِ مَوْلَاهُ وأبعده عَن أَبْوَاب الْخَيْر كلهَا وقربه من أَبْوَاب الشَّرّ كلهَا
قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تخونوا الله وَالرَّسُول وتخونوا أماناتكم وَأَنْتُم تعلمُونَ} الْأَنْفَال 27 91
تَضْييع الْأَمَانَة