رُوِيَ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ لإبنه عِنْد الْمَوْت لَيْتَني ألقِي رجلا عَاقِلا عِنْد نزُول الْمَوْت يُخْبِرنِي بِمَا يجد فَقَالَ لَهُ ابْنه قد نزل بك الْمَوْت فَصف لي الَّذِي تَجِد فَقَالَ لي يَا بني كَأَن فِي تَحت وَكَأن غُصْن شوك يخرج من قدمي إِلَى هامتي وَكَأَنِّي أتنفس من سم إبرة
ثمَّ مد يَده وَقَالَ اللَّهُمَّ لَا قوي فأنتصر وَلَا بَرِيء فأعتذر اللَّهُمَّ إِنِّي مقرّ مذنب مُسْتَغْفِر
ثمَّ مَاتَ رَضِي الله عَنهُ
وأنشدوا
(للْمَوْت فاعمل بجد أَيهَا الرجل ... وَاعْلَم بأنك من دنياك مرتحل)
(إِلَى مَتى أَنْت فِي لَهو وَفِي لعب ... تمسي وتصبح فِي اللَّذَّات مشتغل)
(كأنني بك يَا ذَا الشيب فِي كرب ... بَين الْأَحِبَّة قد أودى بك الْأَجَل)
(لما رأوك صَرِيعًا بَينهم جزعوا ... وودعوك وَقَالُوا قد مضى الرجل)
(فاعمل لنَفسك يَا مِسْكين فِي مهل ... مَا دَامَ ينفعك التذْكَار وَالْعَمَل)
(إِن التقي جنان الْخلد مَسْكَنه ... ينَال حورا عَلَيْهَا التَّاج وَالْحلَل)
(والمجرمين بِنَار لَا خمود لَهَا ... فِي كل وَقت من الْأَوْقَات تشتعل)
264 - سُلَيْمَان وَملك الْمَوْت
رُوِيَ أَن ملك الْمَوْت كَانَ صديقا لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ يزوره أبدا فَدخل عَلَيْهِ يَوْمًا وَعِنْده رجل يكلمهُ سُلَيْمَان فَجعل ملك الْمَوْت ينظر إِلَى الرجل الَّذِي مَعَ سُلَيْمَان نظرا مُنْكرا فَقَالَ الرجل لِسُلَيْمَان بعد خُرُوج ملك الْمَوْت يَا نَبِي الله من هَذَا الدَّاخِل عَلَيْك آنِفا فَقَالَ ملك الْمَوْت فَقَالَ لَهُ لقد رايته يجد النّظر إِلَيّ وَلَكِن لي إِلَيْك حَاجَة قَالَ وَمَا هِيَ قَالَ تَأمر الرّيح أَن تحملنِي إِلَى الْهِنْد
فَأمر سُلَيْمَان الرّيح فَحَملته إِلَى الْهِنْد ثمَّ قَالَ سُلَيْمَان بعد أَيَّام لملك الْمَوْت وجدت عِنْدِي مُنْذُ أَيَّام رجلا فَنَظَرت إِلَيْهِ نظرا مُنْكرا فَقَالَ ملك الْمَوْت كنت
اسم الکتاب : بستان الواعظين ورياض السامعين المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 153