responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 59
{النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ} [الأعراف: 158] آيَاتِهِ أَوْ جَمِيعِ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ أَوْ عِيسَى لِخَلْقِهِ يَكُنْ تَعْرِيضًا لِلْيَهُودِ وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِبَعْضِ نَبِيٍّ لَمْ يُعْتَبَرْ إيمَانُهُ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ التَّكَلُّمِ إلَى الْغَيْبَةِ لِإِجْرَاءِ هَذِهِ الصِّفَاتِ الدَّاعِيَةِ إلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَالِاتِّبَاعِ لَهُ {وَاتَّبِعُوهُ} [الأعراف: 158] فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ إلَّا مَا عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ خَوَاصِّهِ {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158] فِي جَعْلِ رَجَاءِ الِاهْتِدَاءِ إثْرَ الْإِيمَانِ وَالِاتِّبَاعِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ مَنْ صَدَّقَهُ وَلَمْ يُتَابِعْهُ فِي الْتِزَامِ شَرْعِهِ فَهُوَ يُعَدُّ فِي الضَّلَالَةِ كَمَا فِي الْبَيْضَاوِيِّ وَفِي الْأَنْبِيَاءِ {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ» .
قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ أَيْ ذُو رَحْمَةٍ أَوْ مُبَالِغٌ فِي الرَّحْمَةِ حَتَّى كَأَنِّي عَيْنُهَا لِأَنَّ الرَّحْمَةَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا النَّفْعُ وَذَاتُهُ كَذَلِكَ فَالْمَعْنَى مَا أَنَا إلَّا ذُو رَحْمَةٍ لِلْعَالَمِينَ أَهْدَاهَا اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِمْ فَمَنْ قَبِلَ هِدَايَتَهُ أَفْلَحَ وَنَجَا وَمَنْ أَبَى خَابَ وَخَسِرَ.
وَقَالَ أَيْضًا فِي شَرْحِ حَدِيثِ «إنَّمَا بُعِثْت رَحْمَةً وَلَمْ أُبْعَثْ عَذَابًا» لِأَنَّهُ غُشِيَ بِالرَّحْمَةِ وَاسْتَنَارَ قَلْبُهُ بِنُورِ اللَّهِ تَعَالَى فَكَانَ رَحْمَةً وَمَفْزَعًا وَمَأْمَنًا فَالْعَذَابُ لَمْ يُقْصَدْ مِنْ بِعْثَتِهِ ثُمَّ إنَّهُ قِيلَ هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ الْمُنْتَفِعَ بِهِ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ بَلْ الثَّانِي أَيْضًا.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ عَامٌّ لِلْكَافِرِ أَيْضًا لِأَنَّهُ رَحْمَةٌ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِتَأْخِيرِ الْعَذَابِ وَرَفْعِ الْمَسْخِ وَالْخَسْفِ وَالِاسْتِئْصَالِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ التَّفْتَازَانِيِّ مَعَ الْخَيَالِيِّ كَوْنُهُ رَحْمَةً لِلْفَرِيقَيْنِ لِبَيَانِهِ لَهُمَا طَرِيقَ الْحَقِّ لَكِنَّ الْكَافِرَ لَمْ يَهْتَدِ بِهِدَايَتِهِ وَقَالَ فِي شِفَاءِ عِيَاضٍ عَنْ السَّمَرْقَنْدِيِّ يَعْنِي لِلْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَقِيلَ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ
أَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ ظَاهِرِ صِيغَةِ الْجَمْعِ الْمُحَلَّى بِاللَّامِ مَعَ عَدَمِ الْعَهْدِ وَدَلِيلِ الْجِنْسِ فَيَشْمَلُ الْمَلَائِكَةَ كَمَا فِي الشِّفَاءِ أَيْضًا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِجِبْرِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَلْ أَصَابَك مِنْ هَذِهِ الرَّحْمَةِ شَيْءٌ قَالَ نَعَمْ كُنْت أَخْشَى الْعَاقِبَةَ فَأَمِنْت لِثَنَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير: 20] {مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} [التكوير: 21] » وَيَشْمَلُ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِمَا فِي الْمَوَاهِبِ الْقَسْطَلَّانِيَّة أَنَّ قَبُولَ تَوْبَةِ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنَّمَا هُوَ بِتَوَسُّلِ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اسْتِشْفَاعَهُ بِرُوحِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَعَالَى قَرَنَ اسْمَهُ بِاسْمِهِ وَكَتَبَهُ عَلَى أَعْلَى عَتَبَةِ أَبْوَابِ الْجِنَانِ.
وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ أَرَادَ التَّنَاوُلَ بِحَوَّاءَ وَقْتَ النِّكَاحِ مَنَعَهُ جَبْرَائِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْمَهْرِ فَقَالَ مَهْرُهَا أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَشْرَ مَرَّاتٍ فَفَعَلَ فَحَلَّتْ لَهُ وَإِنَّ أُمَمَ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ مُشَفَّعُونَ بِشَفَاعَتِهِ الْعُظْمَى وَرَحْمَةُ الْأُمَّةِ رَحْمَةٌ لِنَبِيِّهِمْ كَذَا قِيلَ وَقِيلَ كَوْنُهُ رَحْمَةً لِلْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ أَهْلَ الْعَرَصَاتِ حِينَ اشْتِدَادِ حَرَارَةِ الشَّمْسِ فِي الْعَرَقِ يَسْتَشْفِعُونَ مِنْ كُلِّ نَبِيٍّ فَتَكُونُ الشَّفَاعَةُ مِنْ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا غَيْرُ فَيَنْتَفِعُ مِنْ تِلْكَ الشَّفَاعَةِ كُلُّ ذِي رُوحٍ حَتَّى الدَّوَابُّ وَالْحَشَرَاتُ وَالْجِنُّ وَالْكُفَّارُ وَقِيلَ كَوْنُهُ رَحْمَةً لِلشَّيَاطِينِ نَحْوُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ عُيِّنَ مَلَكٌ عَلَى إبْلِيسَ يَضْرِبُ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً لَا يَنْقَطِعُ أَلَمُ كُلِّ ضَرْبَةٍ إلَى الْأُخْرَى فَعِنْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ اسْتَغَاثَ إنِّي مِنْ جُمْلَةِ الْعَالَمِ فَلَا تَحْرِمْنِي مِنْ رَحْمَتِك عَلَى وَعْدِك فَخَلَصَ مِنْهُ بِحُرْمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَقِيلَ أَمَّا كَوْنُهُ رَحْمَةً لِنَحْوِ الدَّوَابِّ فَلِمَا رُوِيَ أَنَّهُ رُفِعَ الْقَحْطُ الْعَظِيمُ الَّذِي وَقَعَ فِي سَنَةِ وِلَادَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِسَبَبِ وِلَادَتِهِ وَأَيْضًا كُلَّمَا وَقَعَ قَحْطٌ يَنْدَفِعُ بِدُعَائِهِ.
وَأَمَّا كَوْنُهُ رَحْمَةً لِلْأَفْلَاكِ فَلِمَا قِيلَ فِي بَعْضِ حِكْمَةِ الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ بِسَبَبِ اسْتِشْرَافِ الْأَفْلَاكِ مِنْ قُدُومِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
وَأَمَّا كَوْنُهُ لِلْأَرْضِ فَلِمَنْعِ الْعَذَابِ عَلَى الْأَرْضِ بِسَبَبِ الْعِصْيَانِ الَّذِي كَانَ يَقَعُ بِمِثْلِهِ فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَفِي النُّورِ {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63] فَإِنْ قِيلَ الِاحْتِجَاجُ بِهَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا تَعَيَّنَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَغَيْرُهُ الضَّمِيرُ لِلَّهِ أَوْ لِلرَّسُولِ بِلَا تَرْجِيحِ جَانِبِ الرَّسُولِ وَقَدْ قَالَ فِي التَّلْوِيحِ لَا حُجَّةَ مَعَ الِاحْتِمَالِ وَأَنَّهُ كَالْمُشْتَرَكِ فِي تَزَاحُمِ الْمَعَانِي فَلَا يُحْتَجُّ بِلَا تَرْجِيحٍ قُلْنَا قَالَ فِي التَّلْوِيحِ أَيْضًا الْعِبَادَاتُ تَثْبُتُ بِالشُّبُهَاتِ
فَإِنْ قِيلَ الْمَطْلُوبُ مُطْلَقُ مَا ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَاللَّازِمُ مِنْ هَذِهِ

اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست