responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 299
لِإِظْهَارِ مَا لَيْسَ فِي الْبَاطِنِ إذْ بِحَسَبِ ادِّعَائِهِمْ أَوْ بِحَسَبِ ظَنِّ الْخَلْقِ فِيهِمْ لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ الصُّوفِيَّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ هُوَ الْمُتَشَرِّعُ بِأَصَحِّ الشَّرَائِعِ، وَالْمُتَسَنِّنُ بِأَقْوَمِ السُّنَنِ (فِي زَمَانِنَا) ، وَفِي دِيَارِنَا هُوَ عَصْرُ التِّسْعُمِائَةِ فِي التَّقْيِيدِ بِالْجَهَلَةِ، وَالزَّمَانُ إشَارَةٌ بَلْ دَلَالَةٌ إلَى أَنَّ كُلَّ صُوفِيٍّ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي كُلِّ طَائِفَةٍ كَالْفُقَهَاءِ، وَالْعُلَمَاءِ فِيهِمْ فَسَقَةٌ وَصُلَحَاءُ، وَالْمُحَدِّثِينَ، وَالْمُفَسِّرِينَ، وَالْمُلُوكِ، وَالْأُمَرَاءِ، وَالْقُضَاةِ وَأَهْلِ الْأَسْوَاقِ، وَالصَّنَائِعِ فِيهِمْ كِلَا النَّوْعَيْنِ الْفِسْقِ وَالصَّلَاحِ، فَلَا يَعُمُّ الذَّمُّ بِذَمِّ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَبَعْضِ الْجَهَلَةِ.
(يَقُولُونَ الْعِلْمُ حِجَابٌ) عَنْ مُشَاهَدَةِ أَنْوَارِ الْقُدْسِ مِنْ التَّجَلِّيَاتِ، وَالْمُكَاشَفَاتِ وَهَذَا جَهْلٌ إذْ بِالْعِلْمِ يَزْدَادُ الشُّهُودُ وَتَكْمُلُ الْمَعْرِفَةُ بَلْ الْحِجَابُ هُوَ الْجَهْلُ كَيْفَ، وَإِنَّ الْوُصُولَ مُحْتَاجٌ إلَى قَطْعِ عَقَبَاتِ النَّفْسِ وَدَفْعِ حِيَلِ الشَّيْطَانِ وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْعِلْمِ، وَلَعَلَّ مَنْشَأَ غَلَطِهِمْ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ يَشْتَغِلُونَ بِالْمُحَرَّمَاتِ وَيُصِرُّونَ عَلَى الْمَنْهِيَّاتِ وَيَسْتَغْرِقُونَ فِي الْمُنْكَرَاتِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ مُوَرِّثَ ذَلِكَ هُوَ الْعِلْمُ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا فَإِنَّهُ إذَا زَلَّ عَالِمٌ زَلَّ عَالَمٌ كَمَا أَنَّهُ إذَا عَزَّ عَالِمٌ عَزَّ عَالَمٌ وَأَكْثَرُ مَشَاهِيرِ الْمُتَصَوِّفَةِ مُتَبَحِّرُونَ فِي الْعِلْمِ وَمُجْتَهِدُونَ.
(وَأَنَّهُ) أَيْ الْعِلْمَ (يَحْصُلُ بِالْكَشْفِ) بِدُونِ تَجَشُّمٍ لِكَسْبِ انْكِشَافِ مَا وَرَاءَ الْمَحْسُوسِ مِنْ عَالَمِ الْغَيْبِ بِتَصْفِيَةِ الْقَلْبِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ بِدَوَامِ الذِّكْرِ وَنِسْيَانِ مَا عَدَا الْمَذْكُورِ.
وَعَنْ التِّلْمِسَانِيِّ: الْمُشَاهَدَةُ الْحَقِيقِيَّةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَاهَدَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ نَحْوِ الْإِخْبَارِ عَنْ الْمُغَيَّبَاتِ فَلَيْسَتْ مُكَاشَفَةً حَقِيقِيَّةً بَلْ صُورِيَّةً قَاطِعَةً لِلْأَوْلَى (فَلَا حَاجَةَ إلَى الْكَسْبِ) أَيْ الْمُطَالَعَةِ، وَالْأَخْذِ مِنْ الْأُسْتَاذِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَقُولُونَ ذَلِكَ وَهُوَ تَنَاقُضٌ قُلْنَا لَعَلَّ مُرَادَهُمْ الِابْتِدَاءُ بِالْعِلْمِ حِجَابٌ مَانِعٌ عَنْ الْكَشْفِ وَأَمَّا الِابْتِدَاءُ بِالْمُجَاهَدَةِ فَيُنْتِجُ الْكَشْفَ الَّذِي يُفْضِي إلَى الْعِلْمِ (فَإِنَّهُ كَذِبٌ) يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ «وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ» وَإِنَّ الْعِلْمَ الَّذِي ادَّعَوْا حُصُولَهُ بِالْكَشْفِ هُوَ عِلْمُ الْمَعْرِفَةِ لَا عُلُومُ الشَّرِيعَةِ، وَالْأَحْكَامِ نَعَمْ قَدْ يَحْصُلُ لَكِنْ عَلَى طَرِيقِ النُّدْرَةِ مَعَ كَثْرَةِ التَّخَلُّفِ فَلَا يَكُونُ مَنَاطًا لِلْحُكْمِ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ (وَضَلَالٌ) فِي حَقِّ نَفْسِهِ (وَإِضْلَالٌ) فِي حَقِّ غَيْرِهِ قِيلَ هُنَا، وَفِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ فِيمَا سَبَقَ فِي مِثْلِهِ إنَّ هَذَا الطَّعْنَ وَالتَّخْطِئَةَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْعَامِّ لَا عَلَى وَجْهِ التَّخَصُّصِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمُعَيَّنٍ فَإِنَّ سُوءَ الظَّنِّ حَرَامٌ وَحُسْنَ الظَّنِّ لَازِمٌ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: يَجِبُ حَمْلُ الْإِخْوَانِ عَلَى الْمَحَامِلِ الْحَسَنَةِ فِي كُلِّ نَقِيصَةٍ إلَى سَبْعِينَ مَحْمَلًا ثُمَّ قَالَ فَلَا تَسْأَلْ مِمَّنْ لَا يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ عَنْ أَحْكَامِ اللَّهِ أَصْلًا فَإِنَّهُ تَخْجِيلُ كُفْرٍ كَمَا سَبَقَ وَإِذَا سَاعَدَهُ التَّوْفِيقُ يَعْمَلُ بِلَا عِلْمٍ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِلْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ فَكَمْ مِنْ عَالِمٍ لَمْ يُوَفِّقْهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْعِلْمِ فَمَخْذُولٌ وَكَمْ مِنْ جَاهِلٍ وَفَّقَهُ بِالْعَمَلِ بِالْإِلْهَامِ فَخُيِّرَ مِنْ ذَلِكَ الْعَالِمِ وَإِنَّمَا لِلْعَالِمِ النُّصْحُ، وَالتَّحْذِيرُ بِلَا إسَاءَةِ ظَنٍّ وَتَجَسُّسٍ وَامْتِهَانٍ لِمُعَيَّنٍ إلَى غَيْرِ مَا قَالَهُ لَا يَخْفَى مَا فِيهَا مِنْ الْخَلْطِ وَالْخَلَلِ وَسَدِّ طُرُقِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَطُرُقِ الْحُدُودِ، وَالتَّعْزِيرَاتِ، وَالتَّأْوِيلِ بِالْحَسَنِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ التَّحَمُّلِ وَعَدَمِ صَرَاحَةِ الْخَطَأِ وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي مُعَيَّنٍ فَمَا مَعْنَى وُجُودُهُ فِي الْعُمُومِ، وَقَدْ قَالُوا لَا وُجُودَ لِلْعَامِّ إلَّا فِي ضِمْنِ الْخَاصِّ وَسَلْبِ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ وَنَفْعِهِ وَتَفْوِيضِهِ إلَى تَوْفِيقِهِ تَعَالَى وَإِلَى حُصُولِهِ بِالْإِلْهَامِ، وَالْكَشْفِ مُخَالِفٌ لِقَوَاطِع النُّصُوصِ، وَالْإِجْمَاعِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ.
(فَإِنَّ الْعِلْمَ) أَيْ تَعَلُّمَهُ وَكَسْبَهُ (فَرْضٌ) عَيْنًا وَكِفَايَةً كَمَا سَبَقَ لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْعَمَلِ عَلَيْهِ (وَأَنَّهُ) أَيْ الْعِلْمَ إنَّمَا يَحْصُلُ (بِالتَّعَلُّمِ) لَا غَيْرُ (لِمَا قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) كَمَا سَبَقَ «إنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ» .
لَا يُقَالُ كَيْفَ يَحْصُلُ الْفَرْضُ مِنْ الْخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَالْحَدِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ لَيْسَ بِمُتَوَاتِرٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَعَلَّك قَدْ سَمِعْت فِيمَا سَبَقَ أَنَّ ظَنِّيَّ الدَّلَالَةِ مِنْ الْكِتَابِ مَعَ قَطْعِيِّ الدَّلَالَةِ مِنْ الْخَبَرِ الْوَاحِدِ يُفِيدُ الْقَطْعَ وَيَجُوزُ حِينَئِذٍ إضَافَةُ الْحُكْمِ الْقَطْعِيِّ إلَى مِثْلِ هَذَا الْوَاحِدِ وَهَذَا مَعْنَى مَا قَالُوا الْخَبَرُ الْوَاحِدُ الْمُؤَيَّدُ بِالْحُجَّةِ الْقَطْعِيَّةِ يَصِحُّ إضَافَةُ الْفَرْضِ إلَيْهِ، وَهَاهُنَا مُؤَيَّدٌ بِالْكِتَابِ بَلْ بِالْإِجْمَاعِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ سَنَدًا لِلْإِجْمَاعِ، وَيُضَافُ الْحُكْمُ إلَى السَّنَدِ وَقَدْ يُطْلَقُ الْفَرْضُ عَلَى الظَّنِّيِّ لَكِنْ لَعَلَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ هُنَا.

(وَأَنَّ مَأْخَذَهُ) أَيْ الْعِلْمِ

اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 299
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست