responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 29
مِنْ سُرَادِقَاتِ الْجَلَالِ وَالْكِبْرِيَاءِ يَا إبْلِيسُ مَا عَرَفْتَنِي لَوْ عَرَفْت لَعَلِمْت أَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيَّ فِي شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِي فَإِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ وَفِي رِوَايَةِ الشِّهْرِسْتَانِيّ قَالَ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ قُولُوا لَهُ كُلُّ مَا قُلْت مِنْ عَدَمِ تَسْلِيمِك إيَّايَ وَالْحُكْمِ وَالِاعْتِرَاضِ عَلَيَّ كُفْرٌ.
وَعَنْ بَعْضِ الْعَارِفِينَ لَا جَوَابَ غَيْرُ مَا أَجَابَهُ تَعَالَى وَأَقُولُ إنَّمَا أَجَابَ تَعَالَى بِكَذَا لِعِلْمِهِ عَجْزَ إدْرَاكِ فَهْمِ اللَّعِينِ عَنْ تَحْقِيقِ أَجْوِبَةِ تِلْكَ الْأَسْئِلَةِ فَمِنْ قَبِيلِ أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ كَيْفَ وَالْحِكْمَةُ مَوْجُودَةٌ فِي كُلِّهَا أَلْبَتَّةَ قَالَ الْمُحَقِّقُ الدَّوَانِيُّ بَعْضُهَا مِمَّا يَظْهَرُ عَلَيْنَا وَبَعْضُهَا مِمَّا يَخْفَى لَا عَلَى الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ الْمُؤَيَّدِينَ بِنُورٍ مِنْ اللَّهِ وَرَوْحٍ مِنْهُ.
وَقَالَ الْبَعْضُ هَذِهِ الشُّبَهُ غَيْرُ بَالِغٍ فِي الْخَفَاءِ وَمَلَالَةُ التَّطْوِيلِ مَانِعٌ مِنْ الذِّكْرِ وَأَقُولُ وَبِاَللَّهِ الْهِدَايَةُ وَالتَّوْفِيقُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ حِكْمَةُ خَلْقِ الْكَافِرِ هُوَ الْعِبَادَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى - {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]- وَعَدَمُ إرَادَةِ عِبَادَتِهِمْ لِعَدَمِ شَرْطِ خَلْقِ عِبَادَتِهِمْ مِنْ صَرْفِ الْقُدْرَةِ إلَى الطَّاعَةِ كَمَا مَرَّ وَالْعِلْمُ تَابِعٌ لِلْمَعْلُومِ وَهَذَا الصَّرْفُ لَيْسَ مِنْ اللَّهِ، وَتَمَامُهُ سَيُفْهَمُ مِمَّا سَيُذْكَرُ وَفَائِدَةُ التَّكْلِيفِ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ الْإِنْسَانَ بِأَنْوَاعِ النِّعَمِ لَزِمَ الشُّكْرُ وَالْإِنْسَانُ قَاصِرٌ عَنْ كَيْفِيَّتِهِ فَمِنْ كَمَالِ رَأْفَتِهِ بَيَّنَ طُرُقَ الشُّكْرِ بِالتَّكْلِيفَاتِ ثُمَّ إنَّ الْإِنْسَانَ فِيهَا مُطِيعٌ وَعَاصٍ فَلَوْ أَثَابَ الْكُلَّ لَزِمَ عَدَمُ تَفْرِيقِ مَنْ عَبَدَهُ عَمَّنْ يَعْبُدُ عَدُوَّهُ أَيْ الشَّيْطَانَ وَلَوْ عَاقَبَ الْكُلَّ لَزِمَ صُورَةُ ظُلْمٍ وَإِنَّ الْإِنْسَانَ خَلِيفَةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ يَتَجَلَّى لَهُ بِصِفَاتِ الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَالْقَهْرِ وَاللُّطْفِ ذَكَرَهُ الْمُنَاوِيُّ عِنْدَ حَدِيثِ لَوْ أَنَّ الْعِبَادَ لَمْ يُذْنِبُوا لَخَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا يُذْنِبُونَ ثُمَّ يَغْفِرُ لَهُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
فَفَائِدَةُ التَّكْلِيفِ رَاجِعَةٌ إلَى الْعَبْدِ بِالْإِثَابَةِ وَإِلَى اللَّهِ لَا بِالِاسْتِكْمَالِ وَنَحْوِهِ بَلْ بِإِظْهَارِ صِفَاتِهِ مِنْ نَحْوِ الْكَرَمِ وَالْعَفْوِ وَالْقَهْرِ وَوَجْهُ تَكْلِيفِ اللَّعِينِ إلَى السَّجْدَةِ مَعَ سَائِرِ الْمَلَائِكَةِ هُوَ تَعْظِيمٌ لِآدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِإِنْبَائِهِمْ الْأَسْمَاءَ وَتَعْلِيمِهِمْ الْعُلُومَ وَاعْتِرَافَ فَضْلِهِ وَأَدَاءٍ لِحَقِّهِ وَاعْتِذَارٍ لِمَا وَقَعَ مِنْهُمْ مِنْ قَوْلِهِمْ أَتَجْعَلُ فِيهَا الْآيَةَ وَفَائِدَةُ اللَّعْنِ عُرِفَتْ مِمَّا سَبَقَ مِنْ جَزَاءِ عِصْيَانِهِ وَعُقُوبَةِ اعْتِرَاضِهِ وَحُكْمِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ تَضَمَّنَ حِكَمًا أُخْرَى كَعَدَمِ اغْتِرَارِ الْعَابِدِينَ عَلَى عِبَادَتِهِمْ بَلْ اللَّائِقُ عَدَمُ الْأَمْنِ وَكَالِاعْتِبَارِ عَنْ حَالِ الشَّيْطَانِ بِسَبَبِ الْعِصْيَانِ وَالِانْزِجَارِ عَنْ الطُّغْيَانِ وَكَإِعْلَامِ ضَرَرِ الْكِبْرِ وَالْبُغْيَانِ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ وَفَائِدَةُ التَّمْكِينِ تَعْظِيمُ أَجْرِ الْعَامِلِينَ بِمَشَاقِّ الْجِهَادِ الْأَعْظَمِ وَاخْتِبَارِ وَلِيِّهِ تَعَالَى وَعَدُوِّهِ وَإِظْهَارِ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ مَنْ عَبَدَهُ تَعَالَى فَهُوَ وَلِيُّهُ وَمَنْ عَبَدَ عَدُوَّهُ تَعَالَى فَهُوَ عَدُوُّهُ وَإِظْهَارِ مَظْهَرِيَّةِ عَفَوْهُ وَغُفْرَانِهِ وَإِظْهَارِ شَرَفِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِاسْتِغْفَارِهِ وَرُجُوعِهِ إلَيْهِ تَعَالَى فِي فَوْرِهِ خِلَافَ الشَّيْطَانِ وَبِهِ يَظْهَرُ وَجْهُ تَسْلِيطِهِ عَلَى بَنِي آدَمَ عَلَى أَنَّ فِيهِ تَكْذِيبَ دَعْوَى الشَّيْطَانِ بِقَوْلِهِ - {فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82]- بِمُخَالَفَةِ الصِّدِّيقِينَ وَالْمُخْلَصِينَ.
وَأَيْضًا ظَهَرَ وَجْهُ إمْهَالِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةِ بِاسْتِمْهَالِهِ مِمَّا سَبَقَ وَبِهِ يَتَخَرَّجُ الْجَوَابُ عَمَّا يُقَالُ مَا الْحِكْمَةُ فِي مَوْتِ النَّبِيِّ وَبَقَاءِ الشَّيْطَانِ وَأَنَّ فِي مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَقَدُّمُهُ لِلشَّفَاعَةِ عِنْدَ عَرْضِ أَعْمَالِ أُمَّتِهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ «حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ وَمَمَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ» قِيلَ وَمِنْ فَوَائِدِهِ فَتْحُ بَابِ الِاجْتِهَادِ وَالْعَمَلِ بِالِاحْتِيَاطِ وَالْإِثَابَةِ بِحُزْنِ مَوْتِهِ وَتَسْهِيلِ كُلِّ مُصِيبَةٍ بِمُصِيبَتِهِ وَحُصُولِ الرَّحْمَةِ مِنْ اخْتِلَافِ أُمَّتِهِ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ بِلَائِقَةٍ لِلْقَرَارِ بَلْ لِلْفِرَارِ وَلَيْسَتْ بِدَارِ السُّعَدَاءِ بَلْ الْأَشْقِيَاءِ وَأَنَّ الرَّاحَةَ فِي الْعُقْبَى أَعْلَى مِمَّا فِي الدُّنْيَا وَأَنَّ الدُّنْيَا إنَّمَا تَلِيقُ بِأَهْلِهَا دُونَ أَهْلِهِ تَعَالَى.

(وَالْمُؤْمِنُ) الظَّاهِرُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَلَوْ مُتَنَسِّكًا جَاهِلًا أَوْ غَافِلًا عَالِمًا لَكِنْ يَنْبَغِي تَخْصِيصُ الْجَاهِلِ الْعَامِّيِّ الْمَحْضِ فَإِنَّهُ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُهُ (الطَّالِبُ لِلْحَقِّ وَالْبَاقِيَةِ) الظَّاهِرُ الْحَقُّ هُوَ طَرِيقُ الْحَقِّ وَالْبَاقِيَةُ الْآخِرَةُ وَيُمْكِنُ الْحَقُّ مُتَابَعَتُهُ الرَّسُولَ وَالْبَاقِيَةُ عَدَاوَةُ الشَّيْطَانِ وَبُغْيَتَاهُ وَقِيلَ الْحَقُّ مَعْرِفَتُهُ تَعَالَى وَالْبَاقِيَةُ دَارُ الْآخِرَةِ (لَا يَخْفَى عَلَيْهِ) الْبُغْيَةُ.
(الْأُولَى) مِنْ السَّلْبِ وَالْخُلُودِ وَالظُّلْمِ (وَلَا) الْبُغْيَةُ.
(الثَّانِيَةُ) مِنْ نَحْوِ التَّثْبِيطِ وَالْحَطِّ فَإِذَا لَمْ يَخْفَيَا عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ فَلَا اشْتِبَاهَ فِيهِمَا لِأَحَدٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِهِمَا فَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّف إلَى مَا فِيهِ اشْتِبَاهٌ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَتِمُّ هَذَا وَقَدْ كَانَ فِيهِمَا أُمُورٌ مُفَصَّلَةٌ

اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست