responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 284
مَجْهُولٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ «بِالْعَالِمِ وَالْعَابِدِ يُقَالُ لِلْعَابِدِ اُدْخُلْ الْجَنَّةَ» ابْتِدَاءً بَلْ قَبْلَ الْحِسَابِ كَمَا فِي حَدِيثٍ آخَرَ «وَيُقَالُ لِلْعَالِمِ قِفْ حَتَّى تَشْفَعَ لِلنَّاسِ» ؛ لِأَنَّ وِرَاثَةَ النُّبُوَّةِ تَقْتَضِي مُشَارَكَةَ جِنْسِ مَنْصِبِ النُّبُوَّةِ فَإِذَا تَعَدَّى نَفْعُ عِلْمُهُ فِي الدُّنْيَا فَكَذَا فِي الْآخِرَةِ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَكْثَرُ، وَالْأَغْلَبُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ نَفْيُ جِنْسِ الشَّفَاعَةِ عَنْ جَمِيعِ الْعَابِدِ إذْ الصُّلَحَاءُ لَهُمْ حَظٌّ فِي مَقَامِ الشَّفَاعَةِ وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ كَالْعُلَمَاءِ (صف) الْأَصْفَهَانِيُّ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ سَبْعُونَ دَرَجَةً مَا بَيْن كُلِّ دَرَجَتَيْنِ حُضْرُ الْفَرَسِ» ارْتِفَاعُهَا فِي الْعَدْوِ «سَبْعِينَ عَامًا» لِلتَّكْثِيرِ لَا لِلْحَصْرِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة: 80] كَمَا فِي حَدِيثِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ، وَالْأَرْضِ» «وَذَلِكَ» أَيْ عِلَّةُ ذَلِكَ الْفَضْلِ «؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَبْتَدِعُ» يُحَسِّنُ «الْبِدْعَةَ لِلنَّاسِ» وَيُزَيِّنُهَا «فَيُبْصِرُهَا الْعَالِمُ» بِنُورِ عِلْمِهِ «فَيَنْهَى عَنْهَا» فَيَنْزَجِرُ «، وَالْعَابِدُ مُقْبِلٌ عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ لَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهَا» لِعَدَمِ عِلْمِهِ أَوْ لِكَمَالِ تَوَجُّهِهِ لِعِبَادَتِهِ. (قُطْن هق) دَارَقُطْنِيٌّ وَبَيْهَقِيٌّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا عُبِدَ» بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ «اللَّهُ بِشَيْءٍ» بِالْعِبَادَاتِ الظَّاهِرِيَّةِ، وَالْبَاطِنِيَّةِ «أَفْضَلُ مِنْ فِقْهٍ فِي دِينِ اللَّهِ» ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الْعِبَادَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ إذْ الْجَاهِلُ لَا يَعْرِفُ كَيْفَ يَتَّقِي وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ فَضْلُ الْفِقْهِ وَتَمْيِيزُهُ عَلَى سَائِرِ الْعُلُومِ بِكَوْنِهِ أَهَمَّهَا وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَشْرَفَ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَصَوِّفَةِ الْمُرَادُ بِالْفِقْهِ هُنَا انْكِشَافُ الْأُمُورِ، وَالْفَهْمُ هُوَ الْعَارِضُ الَّذِي يَعْتَرِضُ فِي الْقَلْبِ مِنْ النُّورِ فَإِذَا عَرَضَ انْفَتِحْ بَصَرُ الْقَلْبِ فَرَأَى صُورَةَ الشَّيْءِ فِي صَدْرِهِ حَسَنًا كَانَ أَوْ قَبِيحًا فَالْفِقْهُ هُوَ الِانْفِتَاحُ، وَالْعَارِضُ هُوَ الْفَهْمُ، وَقَدْ أَعْلَمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْفِقْهَ مِنْ فِعْلِ الْقَلْبِ بِقَوْلِهِ: {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: 179] .
وَقَالَ الْمُصْطَفَى فِقْهُ الرَّجُلِ أَيْ فَهْمُ الْأُمُورِ وَقَدْ كَلَّفَ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ أَنْ يَعْرِفُوهُ ثُمَّ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ أَنْ يَخْضَعُوا وَيَدِينُوا لَهُ فَشَرَعَ لَهُمْ الْحَلَالَ، وَالْحَرَامَ لِيَدِينُوا لَهُ بِالْمُبَاشَرَةِ فَذَلِكَ الدِّينُ هُوَ الْخُضُوعُ، وَالْفِقْهُ، وَالدِّينُ جُنْدٌ عَظِيمٌ يُؤَيِّدُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَهْلَ الْيَقِينِ الَّذِينَ عَايَنُوا مَحَاسِنَ الْأُمُورِ وَمَشَايِنَهَا وَأَقْدَارَ الْأَشْيَاءِ وَحُسْنَ تَدْبِيرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ لَهُمْ بِنُورِ يَقِينِهِمْ لِيَعْبُدُوهُ عَلَى بَصِيرَةٍ وَيُسْرٍ وَمَنْ حُرِمَ ذَلِكَ عَبْدَهُ عَلَى مُكَابَرَةٍ وَعُسْرٍ؛ لِأَنَّ الْقَلْبَ وَإِنْ أَطَاعَ وَانْقَادَ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَالنَّفْسُ إنَّمَا تَخِفُّ وَتَنْقَادُ إذَا رَأَتْ نَفْعَ شَيْءٍ أَوْ ضُرَّهُ، وَالنَّفْسُ جُنْدُهَا الشَّهَوَاتِ وَيَحْتَاجُ صَاحِبُهَا إلَى أَضْدَادِهَا مِنْ الْجُنُودِ وَهُوَ الْفِقْهُ كَذَا فِي الْمُنَاوِيِّ «وَلَفَقِيهٌ وَاحِدٌ» وَاَللَّهِ لَفَقِيهٌ، وَالْفَقِيهُ هُوَ الْعَالِمُ بِأَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الظَّاهِرِ، وَالْبَاطِنِ «أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ» الَّذِي يُرِيدُ إغْوَاءَهُ وَإِضْلَالَهُ بُغْضًا وَعَدَاوَةً «مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ» بِعَمَلٍ صَالِحٍ بِلَا عِلْمٍ أَوْ لَهُ عِلْمٌ لَكِنْ يَتَقَاعَدُ لِلْعِبَادَةِ؛ لِأَنَّ النُّورَيْنِ يَغْلِبَانِ عَلَى نُورٍ وَاحِدٍ وَلِأَنَّ الشَّيْطَانَ رُبَّمَا يَدْخُلُ عَلَى عَمَلِهِ فَيُفْسِدُهُ بِلَا شُعُورِهِ بِخِلَافِ الْعَالِمِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ حِيَلَهُ وَطُرُقَ غَوَائِلِهِ فَيَدْفَعُ «وَلِكُلِّ شَيْءٍ عِمَادٌ» يَرْتَفِعُ بِهِ بُنْيَانُهُ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ «وَعِمَادُ الدِّينِ الْفِقْهُ» الَّذِي بِهِ

اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 284
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست