responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 239
وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ هَلْ هُوَ بِالْبَصَرِ أَوْ بِالْبَصِيرَةِ عَلَى اخْتِلَافِ رِوَايَاتِ كِبَارِ الْأَصْحَابِ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ بِعَيْنِ الرَّأْسِ وَتَصْحِيحُ التَّفْتَازَانِيِّ تَصْحِيحٌ بِالْفُؤَادِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالْمُرَادِ.

(وَقَدْ عَرَفْت فِيمَا سَبَقَ) فِي أَوَائِلِ هَذَا الْفَصْلِ (أَنَّ اعْتِقَادَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَالْجَمَاعَةِ أَنَّ) (الْوَلِيَّ) مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَوْ فِي أَعْلَى دَرَجَةِ الْقُرْبِ (لَا يَبْلُغُ دَرَجَةَ النَّبِيِّ) سِيَّمَا الرَّسُولُ خُصُوصًا أُولِي الْعَزْمِ قَالُوا: إنَّ آخِرَ مَقَامَاتِ الْوَلَايَةِ أَوَّلُ مَقَامَاتِ الصِّدِّيقِيَّةِ وَآخِرَ مَقَامَاتِ الصِّدِّيقِيَّةِ أَوَّلُ دَرَجَاتِ النَّبَوِيَّةِ وَآخِرَهَا أَوَّلُ دَرَجَاتِ الرِّسَالَةِ وَآخِرَهَا أَوَّلُ دَرَجَاتِ أُولِي الْعَزْمِ الَّذِينَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهُوَ لَمْ يَظْفَرْ بِالرُّؤْيَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ (فَضْلًا عَنْ أَنْ يَتَجَاوَزَهَا) إذْ مُقْتَضَى تِلْكَ الدَّعْوَى التَّجَاوُزُ لِمَرْتَبَةِ مُوسَى صَرِيحًا وَلِمَرَاتِبِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ الْتِزَامًا أَوْ دَلَالَةً.
رُوِيَ عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْبِسْطَامِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى رُؤْيَةَ مَقَامِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ لَهُ إنَّكَ لَا تُطِيقُ؛ لِأَنَّ نُورَك ضَعِيفٌ فَأَلَحَّ فِي السُّؤَالِ.
قَالَ أَبُو يَزِيدَ فَفَتَحَ لِي مِنْ ذَلِكَ خُرْمَ إبْرَةٍ فَلَمْ أُطِقْ الثُّبُوتَ عِنْدَ ذَلِكَ وَاحْتَرَقْت هَذَا قَوْلُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ قِيلَ قُرِّرَ فِيمَا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَتَجَاسَرُ عَلَى الْكُفْرِ مَعَ احْتِمَالِ عَدَمِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا ضَعِيفًا فَالْبَصَرُ مِنْ جَانِبِ مُوسَى.
وَالْبَصِيرَةُ مِنْ جَانِبِ الْوَاحِدِ وَإِنْ لَمْ يُسَاعِدْهُ السَّوْقُ لَيْسَ بِكُفْرٍ كَمَا أُشِيرَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْفَضْلَ كَمَا رُوِيَ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ الْمَشَايِخِ قِيلَ لَهُ لِمَ لَا تَمْشِي إلَى أَبِي يَزِيدَ فَتَرَاهُ فَقَالَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ رَأَيْت اللَّهَ وَأَغْنَانِي عَنْ أَبِي يَزِيدَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ لَأَنْ تَرَى أَبَا يَزِيدَ مَرَّةً خَيْرٌ لَك مِنْ أَنْ تَرَى اللَّهَ أَلْفَ مَرَّةٍ ثُمَّ اتَّفَقَ لَهُ بَعْدَ زَمَانٍ رُؤْيَةُ أَبِي يَزِيدَ فَلَمَّا نَظَرَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْمَرِيدُ مَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ فَقِيلَ لِأَبِي يَزِيدَ عَنْهُ فَقَالَ كَانَ الْحَقُّ عِنْدَهُ عَلَى قَدْرِهِ وَقَدْرُنَا أَعْظَمُ مِنْ قَدْرِهِ فَمَعْرِفَتُنَا بِاَللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ فَلَمَّا رَآنَا كَشَفَ اللَّهُ عَنْ بَصِيرَتِهِ فَرَأَى الْحَقَّ عَلَى قَدْرِنَا لَا عَلَى قَدْرِهِ فَلَمْ يُطِقْ فَمَاتَ.
وَعَنْ الْإِحْيَاءِ قَالَ أَبُو تُرَابٍ النَّخْشَبِيُّ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: يَا غُلَامُ اذْهَبْ عِنْدَ أَبِي يَزِيدَ فَقَالَ لَيْسَ لِي عِنْدَهُ حَاجَةٌ لِأَنِّي أَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَقَالَ الشَّيْخُ لَأَنْ تَرَى أَبَا يَزِيدَ مَرَّةً أَحْسَنُ مِنْ أَنْ تَرَى اللَّهَ سَبْعِينَ مَرَّةً قُلْنَا فِي جَوَابِ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ وَإِنَّ مُوسَى مَعَ كَوْنِهِ كَلِيمًا إلَى آخِرِهِ يَقْطَعُ عِرْقَ هَذَا الِاحْتِمَالِ إذْ هُوَ نَصٌّ فِي التَّفْضِيلِ وَآبٍ عَنْ التَّأْوِيلِ وَأَنَّ رُؤْيَةَ الْوَاحِدِ الْمَذْكُورِ كَالْغُلَامِ الْمَذْكُورِ تَارَةً لَا تَقْتَضِي عَدَمَ رُؤْيَةِ أَبِي يَزِيدَ أَوْ قِلَّتَهَا بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مُسْتَغْرِقٌ فِي لُجَّةِ بَحْرِ أَنْوَارِ الْقُدْسِ، وَالْمُشَاهَدَةِ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ وَمَا قِيلَ جَوَابًا عَنْ تَخْطِئَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ذَلِكَ الْمُتَصَوِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الرُّؤْيَةُ الْمَنْفِيَّةُ عَنْ مُوسَى، وَالْمُثْبَتَةُ لِلْوَاحِدِ الْمَذْكُورِ مِنْ أَقْرِبَاءِ الشَّيْخِ هُمَا الرُّؤْيَةُ بِالْبَصِيرَةِ وَيَجُوزُ أَنْ نَيْلَ وَاحِدٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ بِحُكْمِ الْوِرَاثَةِ لِمُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلرُّؤْيَةِ أَتَمُّ مِنْهَا لِلنَّبِيِّ فَالرُّؤْيَةُ الْقَلْبِيَّةُ الَّتِي لَمْ يَنَلْهَا مُوسَى بَعْدَ طَلَبِهَا يَجُوزُ أَنْ يَنَالَهَا وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِسَبَبِ اقْتِبَاسِهِ مِنْ مِشْكَاةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِهَذَا وَرَدَ أَنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ يَا رَبِّ اجْعَلْنِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا رَأَى وَصْفَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَأُيِّدَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَقَامَ نَبِيِّنَا جَامِعٌ لِمَقَامَاتِ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ فَعِلْمُهُ أَكْثَرُ مِنْ عُلُومِهِمْ فَوَلِيٌّ مِنْ أَوْلِيَائِهِ يَعْلَمُ مَا لَمْ يَعْلَمْ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ بِحُكْمِ وِرَاثَتِهِ وَأَنَّ التَّقَدُّمَ فِي الْعِلْمِ، وَالسَّبْقَ فِيهِ لَا يَقْتَضِي السَّبْقَ فِي الْفَضْلِ كَهُدْهُدِ سُلَيْمَانَ {فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ} [النمل: 22] .
وَقِصَّةُ الْخَضِرِ مَعَ مُوسَى - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - مَعَ سَبْقِ مُوسَى فِي الْفَضْلِ بِلَا شَكٍّ قَدْ سَبَقَ الْخَضِرُ فِي الْعِلْمِ حَتَّى قَالَ مُوسَى {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66] الْآيَاتِ فَخَطَأٌ ظَاهِرٌ وَعُذْرُهُ أَعْظَمُ مِنْ جِنَايَةِ ذَلِكَ الْمُتَصَوِّفِ إذْ مَقَامُ الرُّؤْيَةِ الْفُؤَادِيَّةِ كَالْبَصَرِيَّةِ يَقْتَضِي الْقُرْبِيَّةَ، وَالْأَفْضَلِيَّةُ لَيْسَتْ إلَّا بِالْأَقْرَبِيَّةِ فَيَلْزَمُهُ تَفْضِيلُ الْأُمَّةِ عَلَى النُّبُوَّةِ لُزُومًا بَيِّنًا فَيَلْزَمُهُ نَفْيُ مَا أَثْبَتَهُ صَرِيحًا بِقَوْلِهِ لَا يَقْتَضِي السَّبْقَ فِي الْفَضْلِ وَقِيَاسُهُ عَلَى الْعِلْمِ قِيَاسٌ فِقْهِيٌّ مَعَ الْفَارِقِ عَلَى أَنَّ أَمْرَ الْهُدْهُدِ لَيْسَ بِعِلْمٍ بَلْ خَبَرٍ عَمَّا يَرَاهُ وَلَمْ يَرَهُ سُلَيْمَانُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ الْخَضِرِ فَإِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْخَضِرِ أَعْلَمَ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ بِإِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى لِحِكْمَةٍ كَوْنُهُ أَعْلَمَ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ مُوسَى أَعْلَمُ

اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 239
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست