responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 233
لِاحْتِمَالِ بَعْضِ النُّصُوصِ وَتَأْوِيلِهِ نَحْوَ {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 102] {لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ} [إبراهيم: 18] وَإِنْ كَانَ تَأْوِيلًا بَاطِلًا (وَالصَّوَابُ إكْفَارُ مَنْ لَمْ يَرَ) أَيْ لَمْ يَعْتَقِدْ (لِلْعَبْدِ فِعْلًا أَصْلًا) لِاسْتِلْزَامِهِ كَوْنَ تَكْلِيفَاتِ الشَّرْعِ كَتَكْلِيفِ الْجَمَادِ.

(وَيَجِبُ إكْفَارُ مَعْمَرٍ) مِنْ الْقَدَرِيَّةِ (فِي قَوْلِهِ: إنَّ الْإِنْسَانَ غَيْرُ الْجَسَدِ) ، وَالْإِنْسَانُ هُوَ الْحَيَوَانُ النَّاطِقُ، وَالْحَيَوَانُ جِسْمٌ نَامٍ مُتَحَرِّكٌ بِالْإِرَادَةِ، وَالْجِسْمُ هُوَ الْجَسَدُ قِيلَ هَذَا يَقْتَضِي عَدَمَ كَوْنِ الْجَسَدِ مُكَلَّفًا وَقَدْ ثَبَتَ بِالْقَطْعِيِّ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا فَيَسْتَلْزِمُ إنْكَارَ النَّصِّ الْقَطْعِيِّ أَقُولُ النَّصُّ عَلَى كَوْنِ الْإِنْسَانِ مُكَلَّفًا لَا عَلَى كَوْنِ الْجَسَدِ مُكَلَّفًا وَلَا عَلَى كَوْنِ الْإِنْسَانِ جَسَدًا فَيَجُوزُ كَوْنُ غَيْرِ الْجَسَدِ إنْسَانًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْغَزَالِيِّ، وَالرَّاغِبِ، وَالصُّوفِيَّةِ الْمُكَاشِفِينَ مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ جَوْهَرٌ مُجَرَّدٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْبَدَنِ تَعَلُّقَ التَّدْبِيرِ، وَالتَّصَرُّفِ، وَلَوْ سَلِمَ مَنْصُوصُ التَّكْلِيفِ لِلْبَدَنِ أَعْنِي الْجَسَدَ فَيَجُوزُ لِكَوْنِهِ مُتَعَلَّقَ الْجَوْهَرِ الَّذِي هُوَ الْإِنْسَانُ وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْمُتَكَلِّمِينَ الْإِنْسَانُ هُوَ الْهَيْكَلُ الْمَخْصُوصُ.
وَعِنْدَ الرَّاوَنْدِيِّ جُزْءٌ لَا يَتَجَزَّأُ فِي الْقَلْبِ، وَعِنْدَ النَّظَّامِ جِسْمٌ لَطِيفٌ سَارٍ فِي الْبَدَنِ بَاقٍ مِنْ أَوَّلِ الْعُمْرِ إلَى آخِرِهِ - وَقِيلَ قُوَّةٌ فِي الدِّمَاغِ مَبْدَأٌ لِلْحِسِّ، وَالْحَرَكَةِ وَقِيلَ قُوَّةٌ لِلْقَلْبِ مَبْدَأٌ لِلْحَيَاةِ فِي الْبَدَنِ وَقِيلَ النَّفْسُ الْإِنْسَانِيُّ ثَلَاثُ قُوًى فِي الدِّمَاغِ هِيَ النَّفْسُ النَّاطِقَةُ، وَفِي الْقَلْبِ هِيَ النَّفْسُ الْغَضَبِيَّةُ الْمُسَمَّاةُ بِالنَّفْسِ الْحَيَوَانِيَّةِ، وَفِي الْكَبِدِ هِيَ النَّفْسُ النَّبَاتِيَّةُ الَّتِي هِيَ مَبْدَأُ التَّغَذِّي الْمُسَمَّاةُ بِالشَّهْوَانِيَّةِ، وَهِيَ الْأَخْلَاطُ الْأَرْبَعَةُ الْمُعْتَدِلَةُ، وَقِيلَ هِيَ الْمِزَاجُ وَاعْتِدَالُ الْأَخْلَاطِ وَقِيلَ هِيَ الدَّمُ الْمُعْتَدِلُ وَقِيلَ هِيَ الْهَوَاءُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ الْمَوَاقِفِ بَعْدَمَا عَدَّ مَا ذَكَرَ وَأَشَارَ إلَى غَيْرِهِ قَالَ إنَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَمَا ذَكَرُوهُ لَا يَصْلُحُ لِلتَّعْوِيلِ عَلَيْهِ انْتَهَى.
وَأَيْضًا صَرَّحَ التَّفْتَازَانِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْ آرَاءِ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّ النَّفْسَ الْإِنْسَانِيَّةَ جِسْمٌ لَطِيفٌ سَارٍ فِي الْبَدَنِ لَا يَتَبَدَّلُ وَلَا يَتَحَلَّلُ لَعَلَّهُ مَا نُسِبَ إلَى النَّظَّامِ وَحَاصِلُ رِسَالَةِ ابْنِ الْكَمَالِ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا وَإِبْطَالُ كَوْنِ الْإِنْسَانِ هَذَا الْهَيْكَلَ الْمَخْصُوصَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذُكِرَ يُوجِبُ عَدَمَ الْكُفْرِ (وَأَنَّهُ حَيٌّ قَادِرٌ مُخْتَارٌ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَحَرِّكٍ وَلَا سَاكِنٍ وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَوْصَافِ الْجَائِزَةِ عَلَى الْأَجْسَامِ) مِنْ الْكِبَرِ، وَالصِّغَرِ، وَالطُّولِ، وَالْقِصَرِ، وَالِاتِّصَالِ، وَالِانْفِصَالِ وَغَيْرِهَا قِيلَ فِي وَجْهِ الْكُفْرِ هُوَ إثْبَاتُ مَا هُوَ مِنْ لَوَازِمِ الْأُلُوهِيَّةِ لِلْإِنْسَانِ فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ لِلْإِنْسَانِ لَيْسَ إلَّا مِنْ خَوَاصِّ الْوَاجِبِ، لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا رَاجِعٌ إلَى كَوْنِهِ جَوْهَرًا مِنْ الْمَذَاهِبِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ مَذْهَبٌ لِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ أَجْمَعُوا عَلَى إسْلَامِهِمْ.
وَقِيلَ إنَّ فَاعِلَ الشُّرُورِ هُوَ الْجِسْمُ الْمُتَحَرِّكُ، وَالسَّاكِنُ، وَالْمُؤَاخَذُ بِالْعَذَابِ فِي ذَلِكَ هُوَ الْإِنْسَانُ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَلْزَمُ تَعْذِيبُ غَيْرِ فَاعِلِ الشَّرِّ وَهُوَ ظُلْمٌ يَجِبُ تَنْزِيهُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ إنَّمَا يَلْزَمُ الظُّلْمُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَلَاقَةٌ وَرَابِطَةٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا تَعَلُّقٌ كَمَا مَرَّ، وَالْمُؤَاخَذَةُ بِذَلِكَ التَّعَلُّقِ وَقِيلَ يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ كَوْنَ امْتِثَالِ التَّكَالِيفِ بِمُجَرَّدٍ نَحْوَ التَّفَكُّرِ بِدُونِ أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ وَهَذَا يَقْتَضِي إلْغَاءَ أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ كُفْرٌ وَلَا يَذْهَبُ عَلَيْك أَنَّ التَّجَرُّدَ لَا يُوجِبُ وَلَا يُنَافِي مَا أَوْجَبَهُ عَلَى أَنَّك قَدْ عَرَفْت مِنْ جَوَازِ كِفَايَةِ نَحْوَ التَّعَلُّقِ، لَعَلَّ وَجْهَ الْكُفْرِ لَيْسَ مَا ذُكِرَ هُنَا فَقَطْ بَلْ لَهُمْ كَلَامٌ آخَرُ اقْتَضَى مَجْمُوعُهُ الْكُفْرَ وَمَا ذُكِرَ هُنَا بَعْضُ ذَلِكَ الْكَلَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَيَجِبُ إكْفَارُ قَوْمٍ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ بِقَوْلِهِمْ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَرَى شَيْئًا وَلَا يُرَى) فَإِنَّ الْأَوَّلَ إنْكَارٌ لِصِفَةِ الْبَصَرِ أَوْ الْعِلْمِ، وَالثَّانِي لِكَوْنِهِ تَعَالَى مَرْئِيًّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 14] وَقَالَ {أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46] وَقَالَ {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة: 22] {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23] الْآيَةَ لَعَلَّ الْكُفْرَ بِمَجْمُوعِ الْكَلَامِ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ أَوْ الْمُرَادُ مِنْ الْأَوَّلِ عَلَى عَدَمِ التَّأْوِيلِ بِالرُّجُوعِ إلَى صِفَةِ

اسم الکتاب : بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية المؤلف : الخادمي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست